بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ (١٨) فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩)) [١٥ ـ ١٩]
(١) العرم : قيل إنه اسم واد كانت تتجمع فيه المياه ، وقيل إنه المطر الشديد. وقيل إنه اسم سدّ كان يحبس فيه الماء.
(٢) الخمط والأثل والسدر : أشجار طبيعية تنبت في الصحارى ذات شوك. وثمرها غير صالح تعافه النفس.
(٣) القرى التي باركنا فيها : قيل إنها بلاد الشام التي كان موسعا عليها برزقها ومناخها ، وقيل إنها بلاد المقدس التي باركها الله كما جاء في سورة الإسراء ، والعجيب ألّا يذكر القائلون بلاد الحجاز التي كانت هي الأخرى مباركة. فهي أقرب إلى بلاد سبأ أي اليمن من بلاد الشام ، وبينها وبين سبأ قرى ومدن عديدة. ونحن نرجح أنها هي المقصودة.
(٤) ظلموا أنفسهم : جنوا عليها بانحرافهم وكفرهم.
في الآيات إشارة إلى سبأ وما كان من أمر أهلها.
فقد يسّر الله لهم رغد العيش في مسكنهم ، وكانت لهم جنات عن اليمين وعن الشمال ليأكلوا من رزق ربهم ويشكروا له نعمه ، فبلدتهم طيبة الرزق وربهم غفور. ولكنهم أهملوا واجب الشكر وكفروا بنعمة الله فعاقبهم الله على جري عادته فأرسل عليهم سيل العرم فاجتاح جناتهم وخربها وبدلها بجنات من أشجار كريهة المنظر كثيرة الشوك مرة الطعم من الخمط والأثل والسدر. ولقد كان من نعمة الله عليهم أن جعل العمران متصلا بين بلادهم والبلاد التي بارك فيها بقرى ظاهرة متتابعة بحيث يستطيعون أن يسيروا ليالي وأياما آمنين شر أخطار الأسفار ومشاقها ،