٦ ـ وأمر آخر بسؤالهم عن الرازق الحقيقي لهم من السماء والأرض وبالإجابة على ذلك بأنه هو الله وحده.
٧ ـ وأمر آخر بتوجيه الكلام إليهم على سبيل المساجلة والجدل بأنه لا بد من أن يكون أحد الفريقين (النبي والمؤمنون من ناحية ، وهم أي الكفار من ناحية) ضالا وأحدهما على هدى وبأن كل فريق هو المسئول وحده عن عمله وما قد يقترفه ، وبأن الله سيجمع بينهما معا ثم يقضي بينهما بالحق وهو الحاكم العادل العليم بأعمال الناس ونواياهم وأحوالهم.
٨ ـ وانتهت الآيات بآية وجّه الخطاب فيها للنبي عليهالسلام بأن الله إنما أرسله كافة للناس بشيرا ونذيرا ولو لم يدرك هذا أكثرهم.
والآيات بمجموعها احتوت ـ كما هو المتبادر ـ صورة لموقف من مواقف الجدل والمناظرة بين النبي صلىاللهعليهوسلم والمشركين الكفار. وهي قوية في لذعها وتحديها وتنديدها ومساجلتها وإنذارها ، وتدل على أن موقف النبي صلىاللهعليهوسلم كان موقف الواثق المستعلي ، أو هي بسبيل بثّ الوثوق والاستعلاء في نفسه.
ولم نطلع على رواية خاصة بسبب نزولها ، ويتبادر لنا أنها ليست فصلا مستأنفا وإنما هي استمرار في السياق المستمر في حكاية مواقف الكفار.
والمتبادر أن الآية الأخيرة قد انطوت على تطمين للنبي عليهالسلام وتسلية ، فهو ليس مسؤولا عن موقف الجحود والعناد الذي يقفه الكفار وليس إلا بشيرا ونذيرا للناس. وهو ما تكرر كثيرا في المواقف المماثلة.
والآيات [٢٤ و ٢٥ و ٢٦] قد جاءت بالأسلوب الذي جاءت به على سبيل المساجلة ، وليس من محل للشك في قصد تقريرها أن فريق النبي صلىاللهعليهوسلم وأتباعه هم الفريق المهتدي الفائز بحكم الله ورضائه ، وهذا أسلوب مألوف في التخاطب وبخاصة في مواقف الجدل والمناظرة. ومع ذلك فقد يكون فيها مظهر من المبدأ القرآني المقرر لحرية التدين بالنسبة لمختلف الأطراف وفي نطاق ما قررته سورة