يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢)) [٤٠ ـ ٤٢]
(١) الذين ظلموا : أي الذين ظلموا أنفسهم وأضروها بشركهم وانحرافهم.
في هذه الآيات حكاية لمواجهة يجريها الله بين الكفار المشركين والملائكة ونتيجتها حيث يجمع الله بين الفريقين. ثم يسأل الملائكة عما إذا كان المشركون يعبدونهم فعلا فيجيبون منزهين الله تعالى عن الشركاء قائلين إنه هو وليهم من دونهم وإن المشركين إنما كانوا يعبدون الجن وإن أكثرهم كانوا مؤمنين بهم. وحينئذ يقول الله عزوجل للمشركين إن أحدا منكم لا يملك للآخر ضرا ولا نفعا فذوقوا عذاب النار التي كنتم تكذبون بها.
والمتبادر أن الآيات استمرار لما احتوته الآيات السابقة من الرد على الكفار وتسفيههم وإنذارهم ووصف ما يكون من أمرهم في الآخرة وفيها صورة أخرى لما يكون فيها ، وقد استهدفت بالإضافة إلى ذلك تقرير ضلال المشركين وإفكهم وتكذيبهم في عقائدهم في صدد الملائكة وتقرير كونهم إنما يعبدون الجن لا الملائكة وهم الذين يوسوسون لهم ويضلونهم. لأن الملائكة مخلصون لله عارفون لحدودهم ودائبون على تنزيهه وتقديسه. وهذا ينطوي في الوقت نفسه على هدف إفحام الكفار وحملهم على الارعواء والتدبر كما هو ظاهر. وهذه هي المرة الثانية التي تحكى فيها هذه الحكاية حيث حكيت في سورة الفرقان التي مر تفسيرها وحيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت تكرار ذلك بسبيل التحذير والتنديد والإفحام لأن عقيدة المشركين في الملائكة كانت واسعة النطاق.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ