عزوا إلى ابن عباس أنها نزلت في حق وحشي الحبشي قاتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عمّ النبي صلىاللهعليهوسلم في وقعة أحد حيث استعظم ذنبه فأنزل الله آية الفرقان [٧٠] التي فيها هذه الجملة : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) فقال وحشي : هذا شرط شديد. فأنزل الله آية سورة النساء [٤٨] التي فيها هذه الجملة : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فقال : أراني بعد في شبهة فأنزل الله آية الزمر [٥٣] التي نحن في صددها فقال : هذا نعم ، ثم جاء فأسلم. فسأل المسلمون : هل هذه له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم : بل للمسلمين عامة (١). ومنها ما ذكر عزوا إلى ابن عمر أن الآيات نزلت في نفر من المسلمين منهم عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد كانوا أسلموا ثم عذبوا وفتنوا فافتتنوا فكان المهاجرون يقولون : لا يقبل الله لهم صرفا ولا عدلا أسلموا ثم تركوا دينهم من العذاب. فأنزل الله الآيات فكتبها عمر بن الخطاب وأرسلها إليهم فأسلموا وهاجروا (١). ومنها ما ذكر عزوا إلى ابن عباس أيضا أن ناسا من أهل الشرك كانوا قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا فأتوا محمدا صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أنّ لما عملنا كفارة فنزل : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ) إلخ الفرقان : [٦٨] ونزل : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) الزمر : [٥٣] ورواية ابن عباس الأخيرة قد رواها البخاري أيضا (١).
وقال المفسرون فيما قالوه بصدد الآية : إنها موجهة للمؤمنين وفي حقهم عامة وإنها أرجى آية في القرآن وأبعثها أملا وسكينة لقلوب المذنبين منهم (٢). بل
__________________
تفسير سورة الزمر في كتاب التفسير من صحيح البخاري وتفسير سورة الزمر في فصل التفسير في مجمع الزوائد الجزء ٧.
(١) انظر تفسير الآيات في الطبري والبغوي وابن كثير والخازن وانظر التاج ج ٤ فصل التفسير ص ١٩٩.
(٢) انظر كتب التفسير السابقة الذكر أيضا.