فضلا عن إمكان صرف تعبير (أَحْسَنَ) إلى الهدى والخير والحث عليهما بالنسبة لما حذر منه القرآن من الشر والضلال والآثام. فالله قد بيّن طريق الخير وحقيقة الخير وأنواعه ودعا إليه ، وبيّن طريق الشر وحقيقة الشر وأنواعه وحذر منه. وأحسن ما أنزل هو الأول ، والناس مدعوون إلى اتباعه دون الثاني. وجميع المأمورات الإيمانية والأخلاقية تدخل في شمول الأول كما هو المتبادر.
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١) اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٣)) [٦٠ ـ ٦٣]
(١) مفازتهم : بمعنى فوزهم أي بما فازوا به من رضاء الله بسبب تقواهم.
(٢) مقاليد : هنا بمعنى أمور وشؤون وحكم. ويؤول المؤولون من التابعين كلمة مقاليد بمفاتح خزائن السموات والأرض أيضا.
الآيات معقبة على ما قبلها تعقيب توضيح وتقرير كما هو المتبادر حيث احتوت بيان مصير الكافرين الذين كذبوا على الله بالشرك حيث تسوّد وجوههم وتكون جهنم مثواهم ، وبيان مصير المؤمنين بالمقابلة جريا على الأسلوب القرآني حيث ينجيهم الله لأنهم فازوا برضائه بسبب تقواهم. فالله خالق كل شيء وهو شهيد على كل شيء وعالم بكل شيء. وفي يده مقاليد السموات والأرض. فمن يكفر بهذه الحقائق فهم الخاسرون حتما.
والمتبادر أنها استهدفت فيما استهدفته تدعيم الإنذار والتحذير والتخويف للذين يهملون اغتنام الفرصة وهم في فسحة من العمر والوقت والتنويه والتطمين لمن آمن واتقى ، مع التنبيه على واجب الإيمان بما احتوته من مشهد أخروي.