سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣)) [١٩ ـ ٢٣]
(١) يوزعون : يجمعون إلى بعضهم ويحبس أولهم إلى آخرهم حتى يوقفوا أمام الله جميعا.
(٢) أرداكم : أوقعكم وأسقطكم.
وجاءت هذه الآيات معقبة على الآيات السابقة لبيان ما سوف يكون من أمر الكفار في الآخرة وقد أنذروا وذكروا ووعظوا بما حلّ فيمن قبلهم من أمثالهم فأعرضوا ولم يرعووا.
ففي يوم القيامة يحشر أعداء الله الكفار ويساقون إلى النار. وحينما يوقفون ـ قبل سوقهم إلى النار ـ أمام الله للحساب ينطق الله آذانهم وعيونهم وجلودهم فتشهد عليهم بما اقترفوه من آثام. ولسوف يعاتبون جوارحهم على شهادتها فترد عليهم بأن الله الذي أنطق كل شيء هو الذي أنطقها بالحق. وقد عقبت الآيات على جواب الجوارح بتوكيد قدرة الله على ذلك وقد خلق الناس أول مرة وإليه يرجعون.
ووجه الخطاب ـ بعد حكاية المشهد والتعقيب عليه ـ إلى الكفار وفيه تأنيب وتقريع وتقرير لحقيقة الأمر في جرأتهم على الكفر والإثم فهم لم يكونوا يبالون أن تشهد عليهم جوارحهم ولم يكونوا يرون ضرورة التستر في آثامهم لأنهم كانوا لا يخطر ببالهم في الحقيقة أن الله يراقبهم ويحصي عليهم أعمالهم وكانوا يظنون أن الله لا يعلم كثيرا مما كانوا يعملون ، وهذا الظن الخاطئ هو الذي أسقطهم في شرّ أعمالهم وجعلهم خاسرين.
والآيات متصلة بسابقاتها كما هو واضح ، وأسلوبها قوي نافذ من شأنه أن