رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)).
والمتبادر من هذا أن العقيدة الإسلامية تظل مقيدة بالنص القرآني المطلق (آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) وعدم الاعتراف بنسبة أي شيء إلى الله ورسله إذا كان يتنافى مع المبادئ والمثل العليا المحكمة الإيمانية والأخلاقية. ولقد جاء في سورة المائدة هذه الآية : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ...) [٤٨] بحيث يسوغ القول إن الله عزوجل قد جعل القرآن ـ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ـ للمسلم مقياسا يقيس عليه ما ينسب إلى الله مما في المتداول من الكتب الدينية فما اتسق فيه من المبادئ والمثل المحكمة مع مثلها في القرآن جاز أن يكون من عند الله وحسب والله تعالى أعلم.
وقد ركزنا الكلام على الكتب التي في أيدي النصارى واليهود لأنهم الذين يعنيهم القرآن بالدرجة الأولى بتعبير أهل الكتاب والذين كان بينهم وبين العرب قبل الإسلام ثم بينهم وبين النبي صلىاللهعليهوسلم اتصال مباشر على ما ذكرناه في التعليق على أهل الكتاب في سورة المدثر. وقد نبهنا في هذا التعليق على أن تعبير أهل الكتاب أوسع من أن يقتصر على اليهود والنصارى وأنه لا مانع من أن يشمل كل ملة تدعي أن في يدها كتابا منسوبا إلى الله وموحى به إلى أحد رجالها العظماء القدماء وعليه سمة من سمات كتب الله المعروفة ومن ذلك الكتب المنسوبة إلى عظماء رجال من الهند والصين وغيرهما وفيها شرائع ووصايا وتعاليم وعقائد ولو كان ما فيها أو بعض ما فيها مخالفا للقرآن لأن هذا شأن الكتب التي يتداولها اليهود والنصارى اليوم فنكتفي بهذا التنبيه دون التكرار.
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ