في الآية الأولى تنبيه إلى لطف الله بعباده ورزقه لمن يشاء دون مانع ولا حائل ، وتنويه بصفتي القوة والعزة اللتين يتصف بهما.
وفي الثانية تنبيه إلى أن الذين يبتغون الآخرة بإيمانهم وعملهم الصالح يزيد الله حظهم فيها وأن الذين يكتفون بحظ الدنيا ولا يحسبون حساب الآخرة قد ينالون منها ما يبتغون ثم لا يكون لهم في الآخرة حظ ولا نصيب.
والآيتان متصلتان بما سبقهما حيث ذكر في الآيات السابقة الساعة أو يوم القيامة أو الآخرة فجاءت الآيتان في صدد ذلك أيضا.
والظاهر أن الكفار كانوا يتبجحون بما أوتوا من رزق وقوة ويرون في هذا دليلا على حظوتهم عند الله. فأريد بالآيتين الردّ عليهم وتقرير حقيقة الأمر في أحوال الناس الدنيوية وكونها مظهرا من مظاهر ناموس الله في ملكوته. وبيان كون ما يتيسر للناس في الدنيا من حظ لا يغني عنهم شيئا إذا لم يبتغوا وجه الله ويحسبوا حساب الآخرة بالإيمان والعمل الصالح.
وتبجح الكفار بقوتهم وما أوتوه من سعة عيش وكثرة أموال وأولاد قد تكرر ، وفي آية من سورة سبأ حكى عنهم اعتقادهم أن ذلك سوف يقيهم من العذاب على ما مرّ شرحه في تفسير السورة المذكورة. وقد ردت آيات من السورة عليهم برد قوي مماثل في روحه للرد الوارد في هذه الآيات أو المنطوي فيها الذي شرحناه في التعقيب الذي أوردناه آنفا.
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢)) [٢١ ـ ٢٢]
في الآية الأولى تساؤل استنكاري عما إذا كان للمشركين شركاء شرعوا لهم