فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠)). حيث يبدو من ذلك ما أعارته حكمة التنزيل من اهتمام لترسيخ هذين الخلقين في نفوس المؤمنين لأنهما من شأنهما أن يوطدا المحبة والمودة والأخوة والتسامح والتعاون ويمنعا المشاكسات والمهاترات والأحقاد بينهم.
وهناك أحاديث نبوية عديدة في صدد ذلك منها في صدد الإصلاح حديث يندد بالذين يلجون في الخصومة والمشاكسة رواه الشيخان والنسائي عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصيم» (١). وحديث يبرر استعمال أي أسلوب في سبيل الصلح رواه أبو داود والبخاري عن أم كلثوم بنت عقبة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو نمى خيرا» (٢). وحديث رواه أبو داود والترمذي عن أبي الدرداء عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين وفساد ذات البين الحالقة» (٣). وزاد الترمذي هذه الجملة في روايته : «لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدّين» (٤).
وهناك حديث مهم في بابه فيه تلقين أن الصلح يجب أن لا يحرّم حلالا ولا يحلّ حراما وقد رواه البخاري وأبو داود والترمذي عن عمرو بن عوف المزني عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحا حرّم حلالا أو أحلّ حراما ، والمسلمون على شروطهم إلّا شرطا حرّم حلالا أو أحلّ حراما» (٥).
أما في صدد العفو فمن ذلك حديث رواه مسلم عن أبي هريرة قال : «إن رجلا قال : يا رسول الله إنّ لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليّ وأحلم عنهم ويجهلون عليّ. فقال : لئن كنت كما قلت فكأنما تسفّهم الملّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ٦٣ ـ ٦٤.
(٢) التاج ج ٣ ص ٦٣ ـ ٦٤.
(٣) التاج ج ٣ ص ٦٣ ـ ٦٤.
(٤) التاج ج ٢ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣.
(٥) التاج ج ٢ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣.