كلمة (يقص) قرئت (يقضي) ورأى في ذلك وجاهة أكثر لأنها تتسق بذلك مع الجملة التالية لها.
(٢) الفاصلين : من الفصل بمعنى القضاء بين الناس.
(٣) الظالمين : هنا بمعنى الطاغين المنحرفين المجرمين.
في الآيات أمر رباني للنبي صلىاللهعليهوسلم بأن يعلن للكفار أن الله تعالى نهاه عن عبادة ما يدعون من دونه من اتباع أهوائهم ، لأنه يكون حينئذ ضالا غير مهتد في حين أنه غدا على بينة من ربّه بالرغم من تكذيبهم وجحودهم ، وبأن يعلن لهم كذلك أن ما يستعجلونه ليس في يده ولو كان في يده لكان الأمر قد انقضى بينه وبينهم ، ولكنه بيد الله الذي يقول الحق ويقضي به وهو خير الفاصلين ، وهو الأعلم بالظالمين الباغين.
والآيات كما هو المتبادر متصلة بالسياق المستأنف فيه حكاية ما كان يقع بين النبي صلىاللهعليهوسلم والكفار من حجاج ونقاش.
ومن المحتمل أن تكون جملة (لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ) ردا على ما كان زعماء الكفار يطالبون النبي صلىاللهعليهوسلم به من إقصاء فقراء المسلمين عنه مما تضمنته الآيات السابقة ، كما أن من المحتمل أن يكون في صدد ما طالبوا به من التساهل معهم في بعض الشؤون مما تضمنته آيات أخرى مرّ بعضها منها في آيات سورة الإسراء [٧٣ ـ ٧٤] وآيات سورة القلم [٩ ـ ١٠] أما جملة (ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) فالجمهور على أنها تعني العذاب الذي أوعد القرآن الكفار به وكان الكفار يتحدون النبي صلىاللهعليهوسلم بالتعجيل به استخفافا وإنكارا وهو وجيه. وقد حكته عنهم آيات عديدة مرّ بعضها ، مثل آيات سورة يونس [٤٨ ـ ٥٠] وآية سورة هود [٨] وآيات سورة الشعراء [٢٠٢ ـ ٢٠٨].
ولقد أورد ابن كثير في سياق هذه الآيات حديثا عن عائشة جاء فيه : «إنها قالت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ، فقال : لقد لقيت من قومك ، وكان أشد ما لقيت منه يوم العقبة. إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل