المعاصى مقدار العقوبة والمثوبة ولو من جهة جهله (١) باهتمام الحكيم فى مثله فيرشد الحكيم اليه تنبيها على مقدار اهتمامه به فليس ذلك من باب الجعل بلا استحقاق ح ، والعجب ممن قال (٢) باختيارية العباد وعدم انعزال العقل عن الحكم رأسا ومع ذلك التزم بجعلية الثواب والعقاب فى باب الاطاعة والعصيان وما اوهمه فى ذلك الا ما ورد من الآيات (٣) والاخبار (٤) فى ثواب الاعمال وعقابها وغفل عن كون ذلك كله ارشادا الى حكم العقل فى أصله والى بيان مقدار
______________________________________________________
(١) اى المكلف.
(٢) قال فى بدائع استادنا الآملي ومن هنا ظهر ما فى التزام بعض الاعلام من كون الثواب والعقاب مجعولين للشارع مع تصديقه بكون العباد مختارين فى افعالهم ويكون العقل حاكما بالحسن والقبح ولعل الذى دعاه الى ذلك هى ملاحظة بعض الآيات والروايات المصرحة بالوعد والوعيد ووقوع الثواب والعقاب ، مع انك قد عرفت انه لا دلالة لتلك الآيات والروايات على كون الثواب والعقاب مجعولين للشارع بل هى ظاهرة فى الارشاد الى حكم العقل بذلك نعم لا بأس فى القول بدلالتها على تقديرهما كمّا وكيفا اذ هو من مقررات المولى انتهى.
(٣) كقوله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) سورة ماعون ، آية ٥ ، وقوله تعالى (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ،) سورة مدثر ، آية ٤٣ وقوله تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) الآية سورة براءة آية ٣٦ وقال الله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) الى قوله تعالى (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) سورة البقرة آية ١٩٦ وقال تعالى و (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) سورة البقرة ، آية ٢٧٥ ، الى غير ذلك من الآيات.
(٤) كما ورد جملة من الروايات فى ابواب جهاد النفس من الوسائل باب ٣ وغيره.