وقد حرص الكثيرون من الصحابة وتهالكوا على الامارة والسلطان فكانت النتائج المؤسفة أنّ العالم الإسلامي غرق بالفتن والكوارث.
وحدّث عوف بن مالك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال :
« إنّي أخاف على أمّتي من أعمال ثلاث ... ».
فسارع بعض أصحابه قائلا : ما هي يا رسول الله؟
« زلّة عالم ، وحكم جائر ، وهوى متّبع ... ».
إنّ أي واحدة من هذه الامور الثلاثة توجب سخط الله وإطفاء نور العدل وشيوع الجور في الأرض ...
وكان الأخيار والصلحاء من الصحابة يتحرّجون من قبول الامارة لأنّها من موجبات الاغراء والتعالي على الناس ،يقول المقداد : استعملني رسول الله صلىاللهعليهوآله على عمل فلمّا رجعت قال لي :
« كيف وجدت الإمارة؟ ».
يا رسول الله ، ما ظننت إلاّ أنّ الناس خول لي ، والله! لا ألي على عمل ما دمت حيّا ... (١).
إنّ الحكم يوجب الاعتزاز بالنفس ويغري الإنسان بالعظمة والكبرياء ، ولا يفلت من ربقته إلاّ المتحرّج في دينه فإنّه لا ضير عليه في تقلّد الامارة ، فقد
روى عطاء بن يسار قال : إنّ رجلا كان عند النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : بئس الشيء الامارة.
فأجابه النبيّ صلىاللهعليهوآله :
__________________
(١) حلية الأولياء ١ : ١٧٤.