تعاهدك في السّرّ لأمورهم حدوة لهم (١) على استعمال الأمانة ، والرّفق بالرّعيّة.
وتحفّظ من الأعوان ؛ فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهدا ، فبسطت عليه العقوبة في بدنه ، وأخذته بما أصاب من عمله ، ثمّ نصبته بمقام المذلّة ، ووسمته بالخيانة ، وقلّدته عار التّهمة.
حكى هذا المقطع بعض الامور التي تتعلّق في عمّال الدولة وهي :
أوّلا : أن لا يولّي أي موظّف عملا إلاّ بعد الفحص والاختبار التامّ عن حاله وأمانته.
ثانيا : لا يجوز أن يسند أي عمل لأحد محاباة أو اثرة فإنّه خيانة للامّة ، وفساد لجهاز الحكم.
ثالثا : أن يولّى العمل إلى أهل التجربة والدراية على شئون العمل الذي يسند إليهم.
رابعا : أن يختار للعمل من يتّصف بالحياء ، وعدم الصلف ، وأن يكون من ذوي البيوتات الشريفة حتى يقوم بخدمة المواطنين ، ولا يجحف في حقّهم.
خامسا : أن يسبغ على العمّال الرواتب التي تسدّ حاجاتهم ، ولا يضيق عليهم معيشتهم ليكونوا بمأمن عن تناول ما في أيدي الناس ، ويبتعدوا عن الرشوة.
سادسا : مراقبة العمّال مراقبة دقيقة ، وبثّ العيون عليهم للنظر في تصرّفاتهم ، فإن كانت شاذة عن شريعة الله تعالى بادر إلى عزلهم وإقصائهم عن وظائفهم وشهّر بهم ليكونوا عبرة لغيرهم.
__________________
(١) الحدوة : الحثّ على الشيء.