١٠ ـ قال عليهالسلام :
ثمّ انظر في حال كتّابك ، فولّ على أمورك خيرهم ، واخصص رسائلك الّتي تدخل فيها مكائدك وأسرارك بأجمعهم لوجود صالح الأخلاق ممّن لا تبطره الكرامة (١) ، فيجترئ بها عليك في خلاف لك بحضرة ملإ ، ولا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات عمّالك عليك ، وإصدار جواباتها على الصّواب عنك ، فيما يأخذ لك ويعطي منك ، ولا يضعف عقدا اعتقده لك ، ولا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك ، ولا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور ، فإنّ الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل.
ثمّ لا يكن اختيارك إيّاهم على فراستك واستنامتك وحسن الظّنّ منك ، فإنّ الرّجال يتعرّضون لفراسات الولاة بتصنّعهم وحسن خدمتهم ، وليس وراء ذلك من النّصيحة والأمانة شيء ، ولكن اختبرهم بما ولّوا للصّالحين قبلك ، فاعمد لأحسنهم كان في العامّة أثرا ، وأعرفهم بالأمانة وجها ، فإنّ ذلك دليل على نصيحتك لله ولمن ولّيت أمره.
واجعل لرأس كلّ أمر من أمورك رأسا منهم ، لا يقهره كبيرها ، ولا يتشتّت عليه كثيرها ، ومهما كان في كتّابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته.
عرض الإمام عليهالسلام في هذا المقطع إلى كتاب الولاة ، واعتبر أنّه لا بدّ أن تتوفّر فيهم الصفات التالية :
أوّلا : أن يكونوا من خيرة الرجال في وثاقتهم وإيمانهم ومعرفتهم بشئون الإدارة وقضايا الحكم.
__________________
(١) تبطره : أي تفسده.