(٥)
وممّا يلفت النظر في سياسة الإمام عليهالسلام تجاه ولاته وعمّاله مراقبته الشديدة والمستمرّة لسياستهم وسلوكهم ، فمن كان منهم مخلصا مؤدّيا لعمله بعيدا عن شهوة الحكم ، أثنى عليه وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم ، ومن شذّ في سلوكه وانحرف عن الطريق القويم بادر إلى عزله ، وإذا كان خائنا وثبتت خيانته لبيت المال أقام عليه حدّ السرقة ، وقد قطع يد عليّ بن الجهم لمّا سرق من الخزينة المركزية.
ومن الجدير بالذكر أنّ هذا الشخص هو الذي قال للحجّاج : إنّ أهلي عقّوني فسمّوني عليّا (١) ، متقرّبا بذلك إلى الحجّاج وناقما على الإمام لأنّه جذم يده!
(٦)
وإذا أمعنا النظر في رسائل الإمام ووصاياه إلى ولاته وعمّاله لوجدناها حافلة بجميع ألوان العدل ومقوّمات الحياة وضروب المساواة ، وهي برامج مشرقة لسعة افق الإسلام ، ومعالجته الكاملة التي لا تخضع للمؤثّرات التقليدية لجميع شئون الحياة السياسية التي تحمي الإنسان من الاعتداء وتوفّر له الحقوق الكاملة.
إنّ الإنسانية على ما جرّبت من تجارب ، وقنّنت من صنوف الحكم فإنّها لم تستطع أن تنشئ نظاما يضمن للإنسان حقوقه ، ويواكب متطلّبات حياته مثل ما أقامه رائد العدالة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في وصاياه ورسائله إلى عمّاله وولاته.
__________________
(١) الاشتقاق ـ أبو بكر : ٢٧٢.