(٧)
ولم يشرّع حكّام المسلمين وولاة امورهم وثيقة سياسية حافلة بنظم الحكم والإدارة ، وملمّة بحقوق الإنسان وما يجب له وعليه في ظلّ الحكم والسلطان ، مثل الوثيقة الذهبية التي أملاها الإمام عليهالسلام على الزعيم الكبير مالك الأشتر واليه على مصر ، وألزمه بتطبيق بنودها على الشعب المصري.
إنّها وسام شرف للحكم العلويّ الذي رفع منار العدالة في الشرق العربي ، وأقام صروح الحقّ في دنيا الإسلام ، وتبنّى القضايا المصيرية لجميع شعوب العالم وامم الأرض.
(٨)
وشيء مهمّ ورائع جدّا تفقّد الإمام ومراقبته وسهره على شئون ولاته ، والتي كان منها أنّه نقل إليه أنّ واليه على البصرة عثمان بن حنيف قد دعي إلى وليمة قوم من أهلها ، فمضى إليها ، فرفع له رسالة أنكر فيها ذلك كأشدّ ما يكون الانكار لأنّه أراد أن يكون الوالي في منتهى العفّة والنزاهة والتجرّد عن جميع المغريات.
وأكبر الظنّ أنّ الذين دعوا ابن حنيف إلى الوليمة ليتّخذونه سلّما إلى قضاء بعض شئونهم عنده وهذا لا يتّفق مع سيرة الإمام ، لأنّها إن كانت صحيحة ومشروعة فيجب على السلطة قضاؤها ، وإن كانت غير مشروعة فلا سبيل لتنفيذها. ولم يقم أي وزن للمحسوبيات والعواطف سوى ما يتّصل منها بالحقّ.