بدراسة كل العلم ، فمثلا ، يكون له غرض في الحصول على ملكة الاجتهاد ، ويتوقف الحصول على هذه الملكة على دراسة تمام علم الأصول ، بل قد يتوقف على دراسة علوم كثيرة مع أن الغرض واحد ، لكنه يتوقف على دراسة علوم كثيرة ومتعددة. ففي هذه المرحلة والمرتبة ، الأغراض تختلف باختلاف الملاحظات الشخصية للأشخاص ، وتختلف باختلاف الدوافع الشخصية للأشخاص ، وفي هذه المرحلة والمرتبة لا يوجد لكل علم غرض وحداني نوعي كلي تطبق عليه قاعدة (أنّ الواحد لا يصدر إلّا من واحد) ، فتطبيق هذه القاعدة لا ينبغي أن يكون بلحاظ هذه المرتبة.
المرتبة الثانية : وهي مرتبة تدوين القواعد التي يبحث عنها وتدون ، هذه المرتبة ، مرتبة تلك القواعد بوجودها النفس الأمري في اللوح المناسب ، تارة تكون أمورا تكوينية من قبيل الملازمات والاستلزامات والعليّات ، وتارة أخرى تكون أمورا طبيعية من قبيل الإعراب في علم النحو مثلا ، ويترتب على هذه القواعد في وعائها المناسب أثر واحد كلي ، وهو الذي يسمّى بالغرض من ذلك العلم ، بقطع النظر عن مقصود هذا ، أو مقصود ذاك. وهذا ما اعتاد العلماء أن يمثلوا له فيقولون مثلا : بأن الغرض من علم النحو هو صون اللسان عن الخطأ.
وينبغي أن يطبق البرهان الذي ذكرناه بلحاظ هذه المرتبة ، التي هي مرتبة القواعد بوجودها النفس الأمري غرضا وأثرا وحدانيا كليا. وهذا الاعتراف يستدعي التساؤل التالي :
كيف يقال بأن صون اللسان عن الخطأ أثر كلي يترتب على القواعد النحوية بوجودها النفس الأمري ، لكي يطبق على ذلك قاعدة (أن الواحد لا يصدر إلّا من واحد) ، مع أننا نجد الكثيرين يخطئون في تعبيرهم خارجا مع كونهم درسوا تلك القواعد؟.
وفي مقام الجواب على هذا التساؤل نطرح تقريبين لأجل تصوير أن هناك غرضا وحدانيا كليا مترتبا على القواعد بوجودها النفس الأمري ، ممّا يتيح تطبيق قاعدة : (إن الواحد لا يصدر إلّا من واحد).
التقريب الأول : هو أن يقال : بأن الغرض من القواعد النحوية ليس هو