يستخرج من زيتونها. فالباء في قوله (بِالدُّهْنِ) للمصاحبة والملابسة ، كما تقول : خرج فلان بسلاحه. أى : مصاحبا له.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : تنبت ـ بضم التاء وكسر الباء ـ من أنبت بمعنى نبت. أو : من أنبت المتعدى بالهمزة ، كأنبت الله الزرع. والتقدير : تنبت ثمارها مصحوبة بالدهن.
والصبغ في الأصل : يطلق على الشيء الذي يصبغ به الثوب. والمراد به هنا : الإدام لأنه يصبغ الخبز ، ويجعله كأنه مصبوغ به.
أى : أن من فوائد هذه الشجرة المباركة أنها يتخذ منها الزيت الذي ينتفع به ، والإدام الذي يحلو معه أكل الخبز والطعام.
روى الإمام أحمد عن مالك بن ربيعة الساعدي ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة».
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ جانبا من مظاهر نعمه في الماء والنبات أتبع ذلك ببيان جانب آخر من نعمه في الأنعام والحيوان. فقال : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً.) ..
والأنعام : تطلق على الإبل والبقر والغنم. وقد تطلق على الإبل خاصة.
والعبرة : اسم من الاعتبار ، وهو الحالة التي تجعل الإنسان يعتبر ويتعظ بما يراه ويسمعه.
أى : وإن لكم ـ أيها الناس ـ فيما خلق الله لكم من الأنعام لعبرة وعظة ، تجعلكم تخلصون العبادة لله ـ تعالى ـ وتشكرونه على آلائه.
وقوله ـ سبحانه ـ : (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها ، وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ..) .. بيان لمواطن العبرة ، وتعريف بأوجه النعمة.
أى : نسقيكم مما في بطونها من ألبان خالصة ، تخرج من بين فرث ودم ، ولكم في هذه الأنعام منافع كثيرة ، كأصوافها وأوبارها وأشعارها ، ومنها تأكلون من لحومها ، ومما يستخرج من ألبانها.
(وَعَلَيْها) أى : وعلى هذه الأنعام ، والمراد بها هنا : الإبل خاصة (وَعَلَى الْفُلْكِ) أى : السفن التي تجرى في البحر (تُحْمَلُونَ) بقدرتنا ومنتنا ، حيث تحمل هذه الإبل وتلك لسفن أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ...
وقريب من هاتين الآيتين في المعنى قوله ـ تعالى ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ* وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ* وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ