فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) (٣٠)
تلك هي قصة نوح ـ عليهالسلام ـ مع قومه ، كما وردت في هذه السورة الكريمة ، وقد وردت بصورة أكثر تفصيلا في سورتي هود ونوح.
وينتهى نسب نوح ـ عليهالسلام ـ إلى شيث بن آدم ـ عليهالسلام ـ. وقد ذكر نوح في القرآن في ثلاثة وأربعين موضعا.
قال الجمل في حاشيته : وعاش نوح من العمر ألف سنة وخمسين ، لأنه أرسل على رأس الأربعين ومكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وعاش بعد الطوفان ستين سنة. وقدمت قصته هنا على غيره ، لتتصل بقصة آدم المذكورة في قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) للمناسبة بينهما من حيث إن نوحا يعتبر آدم الثاني ، لانحصار النوع الإنسانى بعده في نسله (١).
وقوم الرجل : أقر باؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد. وقد يقيم الرجل بين قوم ليس منهم في نسبه ، فيسميهم قومه على سبيل المجاز ، لمجاورته لهم.
وكان قوم نوح يعبدون الأصنام. فأرسل الله ـ تعالى ـ إليهم نوحا لينهاهم عن ذلك ، وليأمرهم بإخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ.
واللام في قوله ـ سبحانه ـ : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ..). واقعة في جواب قسم محذوف.
أى : والله لقد أرسلنا نبينا نوحا ـ عليهالسلام ـ إلى قومه ، ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.
وقوله ـ سبحانه ـ (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ..). حكاية لما وجهه إليهم من نصائح وإرشادات.
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ١٨٨.