أشرق فلان إذا دخل في وقت الشروق ، كأصبح إذا دخل في وقت الصباح.
(فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ) أى : تقاربا بحيث يرى كل فريق خصمه.
(قالَ) بنو إسرائيل لنبيهم موسى ـ عليهالسلام ـ والخوف يملأ نفوسهم : (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) أى : سيدركنا بعد قليل فرعون وجنوده ، ولا قدرة لنا .. على قتالهم ..
وهنا رد عليهم موسى ـ عليهالسلام ـ بثقة وثبات بقوله : (كَلَّا) أى : كلا لن يدركوكم ، فاثبتوا ولا تجزعوا (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ).
بهذا الجزم والتأكيد رد موسى على بنى إسرائيل ، وهو رد يدل على قوة إيمانه ، وثبات يقينه ، وثقته التي لا حدود لها في نصر الله ـ تعالى ـ له ، وفي هدايته إياه إلى طريق الفوز والفلاح.
ولم يطل انتظار موسى لنصر الله ـ تعالى ـ بل جاءه سريعا متمثلا في قوله ـ سبحانه ـ (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) أى : البحر الأحمر ـ على أرجح الأقوال ـ وهو الذي كان يسمى ببحر القلزم ..
فضربه (فَانْفَلَقَ) إلى اثنى عشر طريقا (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ) أى : قسم منه (كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) أى : كالجبل الشامخ الكبير.
وسار موسى ومن معه في الطريق اليابس بين أمواج البحر ـ بقدرة الله ـ تعالى ـ ، (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) أى : وقربنا ـ بقدرتنا وحكمتنا ـ هنالك القوم الآخرين وهم فرعون وجنوده. أى : قربناهم من موسى وقومه فدخلوا وراءهم في الطريق الذي سلكوه بين أمواج البحر ، فماذا كانت النتيجة؟
كانت النتيجة أن خرج موسى ومن معه سالمين ، أما فرعون وجنوده فقد انطبق عليهم البحر فأغرقهم أجمعين.
وصدق الله إذ يقول : (وَأَنْجَيْنا) ـ أى : بقدرتنا ورحمتنا ـ (مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) من الغرق ومن لحاق فرعون بهم (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) وهم فرعون وجنوده.
ثم ختم ـ سبحانه ـ هذه القصة ـ كما ختم غيرها ـ بقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
أى : إن في ذلك الذي قصصناه عليك ـ أيها الرسول الكريم ـ من قصة موسى وفرعون ، (لَآيَةً) عظيمة تدعو إلى إخلاص العبادة والطاعة لنا ، ومع ذلك فلم يؤمن بما جاء به نبينا موسى ، إلا عدد قليل ، (وَإِنَّ رَبَّكَ) ـ أيها الرسول الكريم ـ (لَهُوَ