ونرى ذلك في قوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً ، وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ).
وفي قوله ـ تعالى ـ : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ ، وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ).
وفي قوله ـ سبحانه ـ : (هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ، وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ).
٢ ـ أن سليمان ـ عليهالسلام ـ قد أقام دولته على الإيمان بالله ـ تعالى ـ وعلى العلم النافع ، وعلى القوة العادلة.
أما الإيمان بالله ـ تعالى ـ وإخلاص العبادة له ـ سبحانه ـ ، فهو كائن له ـ عليهالسلام ـ بمقتضى نبوته التي اختاره الله لها ، وبمقتضى دعوته غيره إلى وحدانية الله ـ عزوجل ـ فقد حكى القرآن عنه أنه قال في رسالته إلى ملكة سبأ : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ).
وأما العلم النافع ، فيكفى أن القصة الكريمة قد افتتحت بقوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً ..).
واشتملت على قوله ـ سبحانه ـ : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ...).
وعلى قوله ـ عزوجل ـ : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ).
وأما القوة ، فنراها في قوله ـ تعالى ـ : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ).
وفي قوله ـ سبحانه ـ (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها ، وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ).
٣ ـ أن سليمان عليهالسلام كانت رسالته الأولى نشر الإيمان بالله ـ تعالى ـ في الأرض ، وتطهيرها من كل معبود سواه.
والدليل على ذلك أن الهدهد عند ما أخبره بحال الملكة التي كانت هي وقومها يعبدون الشمس من دون الله ..
ما كان من سليمان ـ عليهالسلام ـ إلا أن حمله كتابا قويا بليغا يأمرهم فيه بترك التكبر