وعند ما رأى مظلوما يستنصره ، ما كان منه إلا أن نصره ، وقال : (رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ).
(ج) تأكيد أن هذا القرآن من عند الله ، بدليل أن هذا القرآن قد قص على النبي صلىاللهعليهوسلم وعلى الناس ، قصصا لا علم لهم بحقيقتها قبل أن يقصها عليهم.
قال ـ تعالى ـ : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ ، إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ ، وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ).
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا ، وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ، لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).
(د) اهتمت السورة اهتماما واضحا ، ببيان مظاهر قدرة الله ـ تعالى ـ في هذا الكون ، هذه القدرة التي نراها في إهلاك الظالمين والمغرورين ، حتى ولو ساندتهم جميع قوى الأرض.
كما نراها في الرد على كفار مكة الذين زعموا ، أن اتباعهم للحق يؤدى إلى تخطفهم والاعتداء عليهم (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا ، أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ، وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها ، فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً ، وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ ، وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا ، وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) ..
والخلاصة ، أن سورة القصص على رأس السور المكية ، التي حضت المؤمنين على الثبات والصبر ، وساقت لهم من أخبار السابقين ، ما يزيدهم إيمانا على إيمانهم. ويقينا على يقينهم ، بأن الله ـ تعالى ـ سيجعل العاقبة لهم ..
القاهرة ـ مدينة نصر
صباح السبت : ٢ من رجب سنة ١٤٠٥ ه
٢٣ / ٢ / ١٩٨٥ م
|
المؤلف د. محمد سيد طنطاوى |