أو سورة واحدة من مثله وادعوا من شئتم من الخلق لكي يعاونكم في ذلك.
فلما عجزوا ـ وهم أهل الفصاحة والبيان ـ ثبت أن غيرهم أعجز ، وأن هذا القرآن من عند الله ـ تعالى ـ.
و (تِلْكَ) اسم إشارة ، والمشار إليه الآيات. والمراد بها آيات القرآن الكريم ، ويندرج فيها آيات هذه السورة التي معنا.
(الْكِتابِ) : مصدر كتب كالكتب. وأصله ضم أديم إلى آخر بالخياطة ، واستعمل عرفا في ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط. والمراد به : القرآن الكريم.
و (الْمُبِينِ) : أى : الواضح المظهر للحق من الباطل ، من أبان بمعنى أظهر.
أى : تلك الآيات التي أنزلناها عليك ـ أيها الرسول الكريم ـ هي آيات الكتاب المظهر للحق من الباطل ، والموضح للخير من الشر ، والكاشف عن حقائق الأمور ، وعن قصص الأولين.
ثم بين ـ سبحانه ـ : ما سيقصه على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في هذه السورة فقال : (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
وقوله ـ تعالى ـ (نَتْلُوا) من التلاوة بمعنى القراءة المرتلة التي يقصد منها التذكير والإرشاد.
والنبأ : الخبر العظيم المشتمل على أمور من شأنها أن يهتم الناس بها.
وموسى ـ عليهالسلام ـ : هو ابن عمران بن يصهر بن ماهيث بن لاوى بن يعقوب ـ عليهالسلام ـ وكانت ولادة موسى في حوالى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
وفرعون : اسم كان يطلق في القديم على كل ملك لمصر ، كما يقال لملك الروم : قيصر ، ولملك اليمن : تبع.
ويرى كثير من المؤرخين أن فرعون مصر ، الذي ولد وبعث في عهده موسى ـ عليهالسلام ـ هو منفتاح ابن الملك رمسيس الثاني.
قال الآلوسى ما ملخصه : والظاهر أن (مِنْ) في قوله (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ ..). تبعيضية. والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لمفعول (نَتْلُوا) المحذوف. وقوله (بِالْحَقِ) حال من فاعل (نَتْلُوا) أى : نتلو ملتبسين بالحق ، أو من مفعوله ، أى : نتلو شيئا من نبئهما ملتبسا بالحق ... (١).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٠ ص ٤٢.