فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (١٤٨)
ويونس ـ عليهالسلام ـ : هو ابن متى ، وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ما ينبغي لعبد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى».
وملخص قصته أن الله ـ تعالى ـ أرسله إلى أهل نينوى بالعراق ، وفي حوالى القرن الثامن قبل الميلاد ، فدعاهم إلى إخلاص العبادة لله ـ تعالى ـ فاستعصوا عليه ، فضاق بهم ذرعا ، وأخبرهم أن العذاب سيأتيهم خلال ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الثالث خرج يونس من بلدة قومه ، قبل أن يأذن الله له بالخروج ، فلما افتقده قومه ، آمنوا وتابوا ، وتضرعوا بالدعاء إلى الله قبل أن ينزل بهم العذاب.
فلما لم ير يونس نزول العذاب ، استحى أن يرجع إليهم وقال : لا أرجع إليهم كذابا أبدا ، ومضى على وجهه فأتى سفينة فركبها فلما وصلت اللجة وقفت ولم تتحرك.
فقال صاحبها : ما يمنعها أن تسير إلا أن فيكم رجلا مشئوما ، فاقترعوا ليلقوا في البحر من وقعت عليه القرعة ، فكانت على يونس ثم أعادوها فوقعت عليه ، فلما رأى ذلك ألقى بنفسه في البحر ، فالتقمه الحوت .. (١).
والمعنى : وإن يونس ـ عليهالسلام ـ لمن المرسلين الذين اصطفيناهم لحمل رسالتنا وتبليغها إلى الناس.
(إِذْ أَبَقَ) أى : هرب من قومه بغير إذن من ربه ـ يقال : أبق العبد ـ كضرب ومنع ـ إذا هرب من سيده فهو آبق.
(إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) أى : هرب من قومه إلى الفلك المليء بالناس والأمتعة (فَساهَمَ) أى : فقارع من في السفينة بالسهام ، يقال : استهم القوم إذا اقترعوا (فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ).
أى : من المغلوبين حيث وقعت عليه القرعة دون سواء. يقال : دحضت حجة فلان ، إذا بطلت وخسرت.
__________________
(١) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٣ ص ١٤٣.