(قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي) أى : فأمهلنى (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أى : فأخرنى ولا تمتنى إلى يوم البعث ، لأتمكن من إغواء ذرية آدم.
(قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) أى : قال ـ سبحانه ـ قد أجبت لك ما تقتضيه حكمتى ، وهو أنى سأؤخر إهلاكك إلى الوقت الذي حددته لفناء الخلائق وهو وقت النفخة الأولى ، لا إلى وقت البعث الذي طلبه إبليس.
(قالَ) أى : إبليس (فَبِعِزَّتِكَ) أى : فبحق سلطانك وقهرك (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) أى : لأغوين بنى آدم جميعا بالمعاصي ، ولأضلنهم ولأمنينهم (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فلا يتأثرون بإغوائى ، لأنى لا قدرة لي عليهم.
(قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ. لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ).
وقوله (فَالْحَقُ) مبتدأ محذوف الخبر أى : فالحق قسمي لأملأن .. وقوله : (وَالْحَقَّ أَقُولُ) لفظ الحق منصوب هنا على أنه مفعول لأقول ، قدم عليه لإفادة الحصر.
والجملة من الفاعل والمفعول معترضة بين القسم والمقسم عليه لتقرير مضمون الجملة القسمية. أى : قال الله ـ تعالى ـ في رده على إبليس : فالحق قسمي ويميني ـ ولا أقول إلا الحق ـ لأملأن جهنم من جنسك يا إبليس ، وممن تبعك من الناس جميعا ، لأن هذا جزاء من عصاني.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ، بأمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يبين للناس ، أنه لا يريد من وراء دعوته عرضا زائلا من أعراض الدنيا فقال (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ. إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ. وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ).
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ لهؤلاء المشركين وغيرهم : إنى لا أسألكم أجرا على تبليغكم ما أمرنى الله بتبليغه إليكم ، وما أنا من الذين يتكلفون ويتصنعون القول أو الفعل الذي لا يحسنونه ، بل أنا رسول من عند الله وصادق فيما أبلغه عنه.
وما هذا القرآن الذي جئتكم به من عند ربي ، إلا وعظ بليغ للثقلين ، وشرف عظيم لهما في اتباع أوامره ونواهيه.
لتعلمن ـ أيها الناس ـ صدق ما أخبركم به من وعد ومن وعيد بعد وقت محدد في علم الله ـ تعالى ـ.