في رأى أى ناظر ، وفي عقل أى عاقل ، فالأول في حيرة من أمره ، والثاني على بينة من شأنه.
وساق ـ سبحانه ـ هذا المعنى في صورة الاستفهام ، للإشعار بأن ذلك من الجلاء والوضوح بحيث لا يخفى على كل ذي عقل سليم.
وانتصب لفظ «مثلا» على التمييز المحول عن الفاعل ، لأن الأصل هل يستوي مثلهما وحالهما؟.
وجملة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) تقرير وتأكيد لما قبلها من نفى الاستواء واستبعاده ، وتصريح بأن ما عليه المؤمنون من إخلاص في العبودية لله ـ تعالى ـ يستحق منهم كل شكر وثناء على الله ـ عزوجل ـ حيث وفقهم لذلك.
وقوله ـ تعالى ـ : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) إضراب وانتقال من بيان عدم الاستواء على الوجه المذكور ، إلى بيان أن أكثر الناس وهم المشركون لا يعلمون هذه الحقيقة مع ظهورها ووضوحها لكل ذي عينين يبصرهما ، وعقل يعقل به.
ثم أخبر ـ سبحانه ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن الموت سينزل به كما سينزل بأعدائه الذين يتربصون به ريب المنون ، ولكن في الوقت الذي يشاؤه الله ـ تعالى ـ فقال ـ : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ).
أى : إنك ـ أيها الرسول الكريم ـ سيلحقك الموت ، كما أنه سيلحق هؤلاء المشركين لا محالة ، وما دام الأمر كذلك فأى موجب لتعجل الموت الذي يعم الخلق جميعا.
وجاء الحديث عن حلول الموت به صلىاللهعليهوسلم وبأعدائه ، بأسلوب التأكيد ، للإيذان بأنه لا معنى لاستبطائهم لموته صلىاللهعليهوسلم ولا للشماتة به صلىاللهعليهوسلم إذا ما نزل به الموت ، إذ لا يشمت الفاني في الفاني مثله.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما يكون بينه وبينهم يوم القيامة فقال ؛ (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ).
أى : ثم إنكم جميعا يوم القيامة عند ربكم وخالقكم تختصمون وتحتكمون ، فتقيم عليهم ـ أيها الرسول الكريم ـ الحجة ، بأنك قد بلغت الرسالة ، وهم يعتذرون بالأباطيل والتعليلات الكاذبة ، والأقوال الفاسدة ، وسينتقم ربك من الظالم للمظلوم ، ومن المبطل للمحق.
هذا ، وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ، جملة من الأحاديث والآثار فقال