وقد ذكر الإمام ابن كثير جملة من الآثار في فضل هذه السور ، منها : ما روى عن ابن مسعود أنه قال : «آل حم» ديباج القرآن .. ومنها ما روى عن ابن عباس أنه قال : «إن لكل شيء لبابا ، ولباب القرآن آل حم» أو قال «الحواميم» (١).
٥ ـ وقد افتتحت السورة الكريمة بالثناء على الله ـ تعالى ـ ، وبتسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم عما لقيه من أذى المشركين ومن جدالهم ، وببيان وظيفة الملائكة الذين يحملون عرشه ـ تعالى ـ ، وأن منها الاستغفار للمؤمنين ، والدعاء لهم بقولهم ـ كما حكى القرآن عنهم ـ : (... رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ، فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ، وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ. رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ ، وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ ، وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
٦ ـ ثم دعا ـ سبحانه ـ عباده إلى إخلاص الطاعة له ، وذكرهم بأهوال يوم القيامة ، وأن الملك في هذا اليوم إنما هو لله ـ تعالى ـ وحده.
قال ـ تعالى ـ : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ، رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ. يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ، لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).
٧ ـ وبعد أن وبخ ـ سبحانه ـ الغافلين على عدم اعتبارهم بسوء عاقبة من سبقهم من الكافرين ، أتبع ذلك بجانب من قصة موسى ـ عليهالسلام ـ مع فرعون وهامان وقارون ، وحكى ما دار بين موسى ـ عليهالسلام ـ وبين هؤلاء الطغاة من محاورات.
كما حكى ما وجهه الرجل المؤمن من آل فرعون إلى قومه من نصائح حكيمة ، منها قوله ـ كما حكى القرآن عنه ـ : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ. مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ، وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ. وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ. يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ).
٨ ـ وبعد أن ساق ـ سبحانه ـ تلك التوجيهات الحكيمة التي وجهها ذلك الرجل المؤمن ـ الذي يكتم إيمانه ـ إلى قومه .. أتبع ذلك بحكاية جانب من المحاورات التي تدور بين الضعفاء والمتكبرين بعد أن ألقى بهم جميعا في النار.
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ١١٦.