كما يرها قد اهتمت بالحديث عن مصارع الغابرين ، بأسلوب يغرس الخوف في القلوب ، ويبعث على التأمل والتدبر.
كما في قوله ـ تعالى ـ : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ ، وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ، وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ، فَأَخَذْتُهُمْ ، فَكَيْفَ كانَ عِقابِ).
وكما في قوله ـ تعالى ـ : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ ، وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ).
كما يراها قبل كل ذلك وبعد كل ذلك لها أسلوبها البليغ المؤثر في إحقاق الحق وإبطال الباطل ، وفي تثبيت المؤمن وزلزلة الكافر ، وفي تعليم الدعاة كيف يخاطبون غيرهم بأسلوب مؤثر حكيم ، نراه متمثلا في تلك النصائح الغالية التي وجهها مؤمن آل فرعون إلى قومه ، والتي حكاها القرآن في قوله (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ ، أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ ، وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ، وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ، إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).
نسأل الله ـ تعالى ـ أن ينفعنا بتوجيهات القرآن الكريم ، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
د. محمد سيد طنطاوى
القاهرة ـ مدينة نصر
مساء الجمعة : ٢٨ من ذي الحجة سنة ١٤٠٥ ه / ١٣ / ٩ / ١٩٨٥ م