عنه أحدا بعدك». قال : «قل آمنت بالله ثم استقم ...» (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) بيان للآثار الطيبة التي تترتب على هذا القول المؤيد بالثبات على طاعة الله ـ تعالى ـ :
وتنزل الملائكة عليهم بهذه البشارات يشمل ما يكون في حياتهم عن طريق إلهامهم بما يشرح صدورهم ، ويطمئن نفوسهم ، كما يشمل تبشيرهم بما يسرهم عند موتهم وعند بعثهم.
قال الآلوسى : قوله ـ تعالى ـ : (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) قال مجاهد : عند موتهم. وعن زيد بن أسلم : عند الموت ، وعند القبر ، وعند البعث ، وقيل : معنى (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ) يمدونهم فيما يعن ويطرأ لهم من الأمور الدينية والدنيوية بما يشرح صدورهم ، ويدفع عنهم الخوف والحزن بطريق الإلهام كما أن الكفرة يغريهم ما قيض لهم من قرناء السوء بتزيين القبائح. (٢) والخوف : غم يلحق النفس لتوقع مكروه في المستقبل.
والحزن : غم يلحقها لفوات نفع في الماضي.
أى : إن الذين قالوا ربنا الله باعتقاد جازم ، ثم استقاموا على طاعته في جميع الأحوال ، تتنزل عليهم من ربهم الملائكة ، لتقول لهم في ساعة احتضارهم وعند مفارقتهم الدنيا ، وفي كل حال من أحوالهم : لا تخافوا ـ أيها المؤمنون الصادقون ـ مما أنتم قادمون عليه في المستقبل ، ولا تحزنوا على ما فارقتموه من أموال أو أولاد.
(وَأَبْشِرُوا) عما قريب ، بالجنة التي كنتم توعدون بها في الدنيا.
ثم يقولون لهم ـ أيضا ـ على سبيل الزيادة في المسرة : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ).
أى : نحن نصراؤكم على الخير ، وأعوانكم على الطاعة في الحياة الدنيا التي توشكون على مفارقتها ، وفي الآخرة التي هي الدار الباقية ، سنتلقاكم فيها بالتكريم والترحاب.
(وَلَكُمْ فِيها) أى : في الدار الآخرة ، ما تشتهي أنفسكم ، من أنواع الطيبات التي أعدها لكم خالقكم في جناته.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ١٦٥.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٤ ص ١٢١.