علمه ـ تعالى ـ بكل شيء ، وإرشاد للمؤمنين إلى ما يقولونه إذا ما سئلوا عن ذلك.
والأكمام : جمع كم ـ بكسر الكاف ـ وهو الوعاء الذي تكون الثمرة بداخله.
أى : إلى الله ـ تعالى ـ وحده مرجع علم قيام الساعة ، وما تخرج ثمرات من أوعيتها الكائنة بداخلها ، وما تحمل من أنثى حملا ولا تضعه إلا بعلمه وإرادته ـ عزوجل ـ و «من» في قوله (مِنْ ثَمَراتٍ) وفي قوله (مِنْ أُنْثى) مزيدة لتأكيد الاستغراق. وفي قوله (مِنْ أَكْمامِها) ابتدائية.
قال الجمل : «فإن قلت : قد يقول الرجل الصالح قولا فيصيب فيه ، وكذلك الكهان والمنجمون.
قلت : أما قول الرجل الصالح فهو من إلهام الله ، فكان من علمه ـ تعالى ـ الذي يرد إليه ، وأما الكهان والمنجمون فلا يمكنهم القطع والجزم في شيء ما يقولونه ألبتة ، وإنما غايته ادعاء ظن ضعيف قد لا يصيب. وعلم الله ـ تعالى ـ هو العلم اليقين المقطوع به الذي لا يشركه فيه أحد (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ تبرّأ المشركين من آلهتهم يوم القيامة فقال : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ. وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ ، وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ).
والظرف «يوم» منصوب بفعل مقدر ، ومعنى «آذناك» أعلمناك وأخبرناك ، آذن فلان غيره يؤذنه ، إذا أعلمه بما يريد إعلامه به.
والنداء والسؤال إنما لتوبيخهم والتهكم بهم في هذا الموقف العظيم.
والظن هنا بمعنى اليقين.
أى : واذكر ـ أيها العاقل ـ لتعتبر وتتعظ يوم ينادى الله ـ تعالى ـ المشركين فيقول لهم يوم القيامة : أين شركائى الذين كنتم تعبدونهم من دوني ليقربوكم إلى أو ليشفعوا لكم عندي؟
(قالُوا) على سبيل التحسر والتذلل : يا ربنا لقد (آذَنَّاكَ) أى : لقد أعلمناك بأنه ما منا أحد يشهد بأن لك شريكا ، فقد انكشفت عنا الحجب ، واعترفنا بأنك أنت الواحد القهار.
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٤٨.