وذكر أنها تسمى المعمّة ، والمدافعة ، والقاضية ، ومعنى المعمة : التي تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة. ومعنى المدافعة التي تدفع عن صاحبها كل سوء ، ومعنى القاضية : التي تقضى له كل حاجة ـ بإذن الله وفضله (١).
٣ ـ وقد افتتحت سورة «يس» بتأكيد صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم فيما يبلغه عن ربه ، وبتكذيب أعدائه الذين أعرضوا عن دعوته ، وبتسليته عما أصابه منهم من أذى.
قال ـ تعالى ـ : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ. لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).
٤ ـ ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك قصة أصحاب القرية ، وما جرى بينهم وبين الرسل الذين جاءوا إليهم لهدايتهم ، وكيف أهلك الله ـ تعالى ـ المكذبين لرسله ...
قال ـ سبحانه ـ : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ. قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا ، وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ. قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ. وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ).
٥ ـ ثم تسوق السورة الكريمة بعد ذلك ، ألوانا من مظاهر قدرة الله ـ تعالى ـ ، ومن نعمه على عباده ، تلك النعم التي نراها في الأرض التي نعيش عليها ، وفي الخيرات التي تخرج منها ، كما نراها في الليل والنهار. وفي الشمس وفي القمر ، وفي غير ذلك من مظاهر نعمه التي لا تحصى.
قال ـ تعالى ـ (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها ، وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ. وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ ، وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ. لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ، وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ. سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).
٦ ـ وبعد هذا البيان الحكيم لمظاهر قدرة الله ـ تعالى ـ ، وفضله على عباده ، حكت السورة الكريمة جانبا من دعاوى المشركين الباطلة ، وردت عليهم بما يخرس ألسنتهم ، وصورت أحوالهم عند ما يخرجون من قبورهم مسرعين ، ليقفوا بين يدي الله ـ تعالى للحساب والجزاء ...
__________________
(١) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ٢٠٩.