الحق ، وأقسموا لهم على ذلك ، وهددوهم بالقتل أو الطرد إن هم اتبعوا ما جاءهم به الرسول صلىاللهعليهوسلم.
ومقصود الضعفاء من هذا القول ، إلقاء المسئولية كاملة على الرؤساء ، توهما منهم أن هذا الإلقاء سيخفف عنهم شيئا من العذاب.
ثم يحكى القرآن بعد ذلك : أن الرؤساء قد ردوا عليهم بخمسة أجوبة.
أولها : (قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) أى : قال الرؤساء للأتباع : نحن لم نتسبب في كفركم في الدنيا ، بل أنتم الذين أبيتم الإيمان باختياركم ، وآثرتم عليه الكفر باختياركم ـ أيضا ـ فكفركم نابع من ذواتكم ، وليس من شيء خارج عنكم ، ولم يدخل الإيمان قلوبكم في وقت من الأوقات.
فالجملة الكريمة إضراب إبطالى من المتبوعين ، عما ادعاه التابعون.
وثانيها : يتجلى في قوله ـ تعالى ـ : (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) أى : وما كان لنا عليكم من قوة أو غلبة تجبركم على البقاء في الكفر والضلال ، ولكنكم أنتم الذين رضيتم بالكفر عن اختيار واقتناع منكم به.
وثالثها قوله ـ تعالى ـ : (بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ) أى : نحن لم يكن لنا سلطان عليكم ، بل أنتم الذين كنتم في الدنيا قوما طاغين وضالين مثلنا. والطغيان مجاوزة الحد في كل شيء.
ورابعها : نراه في قوله ـ سبحانه ـ : (فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ) والفاء للتفريع على ما تقدم ، من كون الرؤساء لم يجبروا الضعفاء على البقاء في الكفر. أى : نحن وأنتم لم تكونوا مؤمنين أصلا. فكانت نتيجتنا جميعا ، أن استحققنا العذاب ، وأن لزمنا ما توعدنا به خالقنا من ذوق العذاب ، جزاء كفرنا وشركنا به ـ تعالى ـ.
وخامس هذه الأجوبة : بينه ـ سبحانه ـ في قوله ـ حكاية عنهم ـ : (فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ).
أى : فدعوناكم للغواية والضلالة دعوة غير ملجئة ، فاستجبتم لنا باختياركم الغي على الرشد (إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) مثلكم ، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم فنحن ما أجبرناكم على اتباعنا ولكن أنتم الذين اتبعتمونا باختياركم.
وهكذا رد الرؤساء على الضعفاء فيما اتهموهم به من أنهم السبب فيما حل بهم من عذاب أليم يوم القيامة.