وقماطر ؛ إذا كان صعبا شديدا ، وأنشد الفراء :
بني عمّنا هل تذكرون بلاءنا |
|
عليكم إذا ما كان يوم قماطر |
قال الأخفش : القمطرير أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء ، ومنه قول الشاعر :
ففرّوا إذا ما الحرب ثار غبارها |
|
ولجّ بها اليوم العبوس القماطر |
قال الكسائي : اقمطرّ اليوم وازمهرّ ؛ إذا كان صعبا شديدا ، ومنه قول الشاعر (١) :
بنو الحرب أرضعنا لهم مقمطرة |
|
ومن يلق منّا ذلك اليوم يهرب |
وقال مجاهد : إن العبوس بالشفتين ، والقمطرير بالجبهة والحاجبين ، فجعلهما من صفات المتغيّر في ذلك اليوم لما يراه من الشدائد ، وأنشد ابن الأعرابي :
يغدو على الصّيد يعود منكسر |
|
ويقمطرّ ساعة ويكفهر |
قال أبو عبيدة : يقال قمطرير ، أي : متقبض ما بين العينين والحاجبين. قال الزجاج : يقال اقمطرّت الناقة ؛ إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها وزمّت بأنفها ، فاشتقّه من القطر ، وجعل الميم مزيدة. (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) أي : دفع عنهم شرّه بسبب خوفهم منه وإطعامهم لوجهه (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) أي : أعطاهم بدل العبوس في الكفار نضرة في الوجوه وسرورا في القلوب. قال الضحاك : والنضرة : البياض والنقاء في وجوههم. وقال سعيد بن جبير : الحسن والبهاء ، وقيل : النضرة أثر النعمة. (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا) أي : بسبب صبرهم على التكاليف ، وقيل : على الفقر ، وقيل : على الجوع ، وقيل : على الصوم. والأولى حمل الآية على الصبر على كل شيء يكون الصبر عليه طاعة لله سبحانه ، و «ما» مصدرية ، والتقدير : بصبرهم (جَنَّةً وَحَرِيراً) أي : أدخلهم الجنة وألبسهم الحرير ، وهو لباس أهل الجنة عوضا عن تركه في الدنيا امتثالا لما ورد في الشرع من تحريمه ، وظاهر هذه الآيات العموم في كلّ من خاف من يوم القيامة وأطعم لوجه الله وخاف من عذابه ، والسبب وإن كان خاصا كما سيأتي فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ويدخل سبب التنزيل تحت عمومها دخولا أوليا.
وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) قال : كل إنسان. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله : (أَمْشاجٍ) قال : أمشاجها : عروقها. وأخرج سعيد ابن منصور وابن أبي حاتم (أَمْشاجٍ) قال : العروق. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) قال : ماء الرجل وماء المرأة حين يختلطان. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال : (أَمْشاجٍ) ألوان ؛ نطفة الرجل بيضاء وحمراء ، ونطفة المرأة خضراء وحمراء. وأخرج ابن أبي حاتم عنه
__________________
(١). حذيفة بن أنس الهذلي.