.................................................................................................
______________________________________________________
وتوضيح هذا الوجه : انه لا يخفى ان من جملة المرجّحات المنصوصة الأصدقية الواردة في المقبولة والاوثقية الواردة في المرفوعة ، وهما من صفات الراوي ، ولهذه الصفات جهتان : جهة كونهما من الصفات النفسية لذات الراوي ، وجهة تعلّقهما بغير الراوي لانها من الصفات ذات الاضافة ، فان الصدق كما انه صفة لذات الراوي فان له تعلّقا بنفس روايته وكلامه ايضا فانها موصوفة بالصدق ايضا ، فانه كما يقال الراوي صادق كذلك يقال الرواية صادقة وكلامه صدق باعتبار إراءة الواقع ومطابقته له.
والظاهر من اخذ صفة الصدق ليس اخذها بما هي صفة من الصفات بان يكون لها موضوعية ، بل الظاهر منها اخذها مرجّحا بما فيها من إراءة الواقع. ومثلها الاوثقية فانها مما لها تعلق باراءة الواقع ومطابقته ، فان الشخص الذي يكون في كلامه اوثق من غيره معناه ان احتمال مطابقة الواقع في كلامه اشد من غيره. والظاهر منها ايضا هو اخذها مرجّحا من هذه الجهة ، وهي كون احتمال المطابقة للواقع فيها آكد واشد من غيره لا لكونها لها موضوعية ، واذا كان الملاك في اخذهما ذلك فلا بد من التعدّي عنهما لكلّ ما يكون اقرب الى الواقع ، وكذلك الحال في الاعدلية والاورعية فان الظاهر من اخذهما هو اخذهما ايضا بما ان الراوي الاعدل والاورع كلامه آكد في احتمال الواقع ومطابقته من غير الاعدل والاورع.
والى ما ذكرنا اشار بقوله : «لما في الترجيح بمثل الأصدقيّة والاوثقية ونحوهما» كالاعدليّة والاورعية «مما فيه من الدلالة على ان المناط في الترجيح بها هو» الجهة المتعلّقة بكلامه من حيث كونه اقرب الى الواقع ، فالمناط في الترجيح بهذه الصفات هو «كونها موجبة للاقربية الى الواقع» لا جهة موضوعيتها. واذا كان المناط في اخذها ذلك فلا بد من التعدّي عنه لكلّ ما يكون اقرب الى الواقع لتحقق المناط فيه.
الوجه الثاني : في الترجيح بالشهرة فان كونها مرجّحة يقتضي التعدّي ايضا لكلّ ما هو اقرب الى الواقع.