الثاني : في حجية ما يؤدي إليه على المتصف به ، وهو أيضا محل الخلاف ، إلا أن قضية أدلة المدارك حجيته ، لعدم اختصاصها بالمتصف بالاجتهاد المطلق ، ضرورة أن بناء العقلاء على حجية الظواهر مطلقا ، وكذا ما دل على حجية الخبر الواحد ، غايته تقييده بما إذا تمكن من دفع معارضاته كما هو المفروض (١).
______________________________________________________
«بداهة انه لا يعتبر في استنباط مسألة معها» أي انه لا يعتبر مع تحقق الملكة المطلقة في استنباط ما يتعلق ببعض الابواب «من الاطلاع فعلا على مدارك جميع المسائل».
(١) بعد الفراغ من الكلام في الموضع الاول ـ وهو امكان تجزي الاجتهاد ـ اشار الى الموضع الثاني : وهو كون رأي المتجزي حجة عليه ام لا؟ ... وقد وقع الخلاف فيه ، إلّا ان الصحيح هو حجية رأي المتجزي عليه فيما ادى اليه نظره.
وبيان ذلك : ان الاصل وان كان عدم الحجية في غير مورد القطع بالحكم ، إلّا ان أدلة المدارك مختلفة : منها بناء العقلاء ، ومنها الجعل الشرعي المستفاد من الادلة القطعية ، وكلها تدل على حجية رأي المتجزي بالنسبة الى نفسه. اما ما كانت حجيته ببناء العقلاء كحجية الظواهر فان بناء العقلاء قد تم على الاخذ بالظاهر غير مقيد بقيد اصلا ، فان الظاهر كما هو حجة عندهم للمتصف بالاجتهاد المطلق ، كذلك هو حجة عند العقلاء للمتصف بالتجزي ، ولا فرق عندهم في حجية الظاهر بين شخص وشخص ، وانه كما لا فرق عندهم بين ظاهر وظاهر كذلك لا فرق عندهم فيمن قام عنده الظاهر ، سواء كان مجتهدا مطلقا او متجزيا.
واما ما كان حجة بالجعل من الشارع كحجية الخبر الواحد فانه ايضا لا تقييد فيه ، بل هو مطلق من حيث الاجتهاد المطلق والمتجزي ، فان آية النبأ تدل على حجية الخبر لمن جاءه النبأ مطلقا غير مقيد بقيد من حيث اطلاق الاجتهاد وتجزيه. نعم حيث ان ادلة حجية الخبر خرج عنها مورد التعارض فان القاعدة الاولى في المتعارضين هي عدم حجيتهما في مدلولهما المطابقي ، والقاعدة الثانية في الخبرين المتعارضين من