كثرة التخصيص بمثابة قد قيل : ما من عام إلا وقد خص ، غير مفيد ، ولا بد في كل قضية من ملاحظة خصوصياتها الموجبة لا ظهرية أحدهما من الآخر ، فتدبر (١).
ومنها : ما قيل فيما إذا دار بين التخصيص والنسخ ـ كما إذا ورد عام بعد حضور وقت العمل بالخاص ، حيث يدور بين أن يكون الخاص مخصصا أو يكون العام ناسخا ، أو ورد الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام ، حيث يدور بين أن يكون الخاص مخصصا للعام ، أو ناسخا له ورافعا لاستمراره ودوامه (٢) ـ في وجه تقديم التخصيص على النسخ ،
______________________________________________________
يتقدّم اطلاق المطلق ويخصّص به العام. والى ما ذكرنا اشار بقوله : «وفيه ان عدم البيان الذي هو جزء المقتضي ... الى آخر الجملة».
(١) هذا الاشكال على الوجه الثاني. وحاصله : منع اغلبية التقييد على التخصيص ، بل التخصيص ايضا كثير حتى انه قد قيل ما من عام الّا وقد خصّ ، فليس هناك اغلبية للتقييد على التخصيص بحيث اذا دار الامر بينهما يتقدّم التقييد لأغلبيته. والى ما ذكرنا اشار بقوله : «وأغلبية التقييد مع كثرة التخصيص ... الى آخر الجملة».
(٢) لا يخفى انه قد ذكر المصنف لدوران الامر بين التخصيص والنسخ مقامين :
الاول : ان يرد العام بعد حضور وقت العمل بالخاص ، بان يتقدّم الخاص ، بان يتقدّم الخاص ويمضي وقت العمل به ثم يرد العام ، مثلا ان يرد أولا لا تكرم زيدا العالم ثم بعد حضور وقت العمل به يرد اكرم العلماء ، وفي هذا يدور الامر بين كون الخاص مخصصا للعام وبه يرفع اليد عن ظهور العام في عمومه الافرادي حتى لزيد ، وبين كون العام ناسخا للخاص ويرفع اليد عن ظهور الخاص في الدوام والاستمرار.
ولا يخفى انه في هذا الفرض لا مانع من تخصيص العام ، لان الخاص وارد قبل حضور وقت العمل بالعام ، ولا مانع من النسخ لكون العام واردا بعد حضور وقت العمل بالخاص.