ومن أن التقييد أغلب من التخصيص (١).
وفيه : إن عدم البيان الذي هو جزء المقتضي في مقدمات الحكمة ، إنما هو عدم البيان في مقام التخاطب الا إلى الابد (٢) ، وأغلبية التقييد مع
______________________________________________________
(١) هذا هو الوجه الثاني للزوم تقديم العام على المطلق. وبيانه : انه لما كان تقييد المطلق غالبا على تخصيص العام ، ففيما دار الامر بينهما يلزم الالحاق بالاغلب ، ونتيجة ذلك هو لزوم تقديم العام في ظهوره العمومي وتقييد الاطلاق به ، لان تقييد الاطلاق هو الاغلب ، من دون تقديم اطلاق المطلق وتخصيص العام به ، لانه يلزم منه الالحاق بغير الاغلب ، فلا بد في المثال المتقدّم من وجوب اكرام العالم الفاسق ، وتقييد لا تكرم الفساق بعموم اكرم كل عالم. ولا وجه لتخصيص اكرم كل عالم بلا تكرم الفساق ، ورفع اليد عن وجوب اكرام العالم الفاسق.
(٢) يريد بهذا الاشكال على الوجه الاول. وتوضيحه : ان الاطلاق وان كان معلّقا على عدم البيان ، الّا ان عدم البيان الذي هو احد مقدمات الحكمة هو عدم البيان في مقام التخاطب ، لا عدم البيان الى الابد ، واذا كان هو عدم البيان في مقام التخاطب ، فحيث ان العام كان منفصلا عن حال التخاطب بالمطلق فالمطلق يتمّ ظهوره ، لفرض تحقق ما هو معلّق عليه وهو عدم البيان في مقام التخاطب ، فلا يصلح ان يكون العام المنفصل عنه بيانا له. وعليه فلا يكون تخصيص المطلق للعام اما بلا مخصّص او بوجه دائر ، لتمامية حجية ظهور المطلق وقابليّته لان يكون مخصّصا بمجرد تحقق عدم البيان في مقام التخاطب ، ويكون الامر دائرا بين حجتين تنجيزيتين : ظهور العام في العموم لاجل الوضع ، وظهور المطلق في اطلاقه لفرض تحقق ما هو معلّق عليه ، وبعد تحققه يكون اطلاق المطلق تنجيزيا ايضا.
والحاصل : ان ظهور المطلق في اطلاقه غير متوقف على تخصيص العام به حتى يلزم الدور كما مرّ بيانه ، وحيث ان تقديم الخاص على العام هو المتعارف فينبغي ان