ومنه قد انقدح حال سائر أخباره (١) ، مع أن في كون أخبار موافقة الكتاب أو مخالفة القوم من أخبار الباب نظرا ، وجهه قوة احتمال أن يكون الخبر المخالف للكتاب في نفسه غير حجة ، بشهادة ما ورد في أنه زخرف ، وباطل ، وليس بشيء ، أو أنه لم نقله ، أو أمر بطرحه على الجدار ، وكذا الخبر الموافق للقوم ، ضرورة أن أصالة عدم صدوره تقية بملاحظة الخبر المخالف لهم مع الوثوق بصدوره لو لا القطع به غير جارية ، للوثوق حينئذ بصدوره كذلك ، وكذا الصدور أو الظهور في الخبر المخالف للكتاب يكون موهونا بحيث لا يعمه أدلة اعتبار السند ولا الظهور ، كما لا يخفى ، فتكون هذه الاخبار في مقام تميز الحجة عن اللاحجة لا ترجيح الحجة على الحجة (٢) ،
______________________________________________________
(١) أي مما ذكرنا من الاشكالات على المرفوعة والمقبولة : من عدم الاطلاق فيها بحيث يشمل مورد الفتوى تارة ، ومن كونها مختصة بزمان الحضور اخرى ، ومن لزوم حملها على ما لا ينافي اطلاقات التخيير بحملها على الاستحباب ثالثة ـ يظهر الحال في الاخبار الأخر التي ذكرها الشيخ الاجل في رسائله للدلالة على وجوب الترجيح في مقام الفتوى في زمان الغيبة.
(٢) لا يخفى ان المزايا المذكورة في ادلة الترجيح مختلفة : بعضها يرجع الى صفات الراوي كالاعدلية وامثالها ، وبعضها يرجع الى نفس الرواية ككونها مشهورة او غير مشهورة ، وبعضها يرجع الى الحكم في الرواية كموافقة الكتاب ومخالفة العامة.
والغرض المناقشة في عد مزية موافقة الكتاب ومخالفة العامة من مزايا الترجيح ، لان الترجيح لا بد فيه من فرض الروايتين مشمولتين لادلة الاعتبار لو لا المعارضة ، فتكون المرجحات موجبة لترجيح احدى الحجتين على الاخرى ، لا ان تكون المزية موجبة لتمييز الحجة عن اللاحجة. ويحتمل قويا في هاتين المزيتين كونهما لتمييز الحجة عن اللاحجة لا لترجيح الحجة على الحجة ، ففي عدهما من مزايا الترجيح نظر ، لان