حاجته إلى كثير مما يحتاج إليه في الازمنة اللاحقة ، مما لا يكاد يحقق ويختار عادة إلا بالرجوع إلى ما دون فيه من الكتب الاصولية (١).
______________________________________________________
(١) حاصله : ان الحاجة الى علم الاصول مختلفة من نواح ثلاث : من حيث نفس المسائل ، ومن حيث الازمنة ، ومن حيث الاشخاص.
اما اختلاف الحاجة الى علم الاصول من ناحية نفس المسائل ، فلوضوح ان بعض المسائل واضحة لسهولة المدرك فيها ، كالمسائل التي فيها ـ مثلا ـ اخبار من دون معارض فانها لا تحتاج الى اكثر من حجية الظواهر وحجية الخبر الواحد ، وبعضها غامضة لصعوبة المدرك فيها كالمسائل الفرعية المبتنية على بعض المسائل الاصولية الدقيقة ، كالفروع المبتنية على مسألة جواز اجتماع الامر والنهي وعدم جوازه ، وعلى صحة الترتب وعدم صحته.
واما الاختلاف من حيث الازمنة فلان تطور البحث ـ مثلا ـ في بعض المسائل في الازمنة اللاحقة مما اوجب صعوبة الاجتهاد ، بخلافه في الازمنة السابقة حيث ان البحث فيها كان خفيفا في تلك الازمنة ، فان مثل مسألة الاستصحاب المدرك فيها في الزمن السابق كان اما بناء العقلاء او الظن ، اما في الازمنة اللاحقة فان المدرك فيها هي الاخبار ، ولذلك تشعبت الاقوال فيه ، مضافا الى تنقيح المتأخرين لمورد مجراه واختلافهم فيه. وكمسألة مقدمة الواجب فان الظاهر من صاحب المعالم كونها لفظية ، وعند المتأخرين من المسائل العقلية ، وان المدرك لوجوبها وعدم وجوبها هو حكم العقل بالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ، وعدم حكمه بالملازمة بينهما.
واما الاختلاف من حيث الاشخاص ، فلبداهة اختلاف الاشخاص من ناحية سرعة الالتفات وبطئه ، ومن ناحية سرعة الجزم بالشيء وعدمه ، ومن ناحية بعد النظر وعمقه وقصره وبساطته.