وبالجملة لا محيص لأحد في استنباط الاحكام الفرعية من أدلتها إلا الرجوع إلى ما بنى عليه في المسائل الاصولية ، وبدونه لا يكاد يتمكن من استنباط واجتهاد ، مجتهدا كان أو أخباريا (١).
نعم يختلف الاحتياج إليها بحسب اختلاف المسائل والازمنة والاشخاص ، ضرورة خفة مئونة الاجتهاد في الصدر الاول ، وعدم
______________________________________________________
تدوين علم الاصول لم يكن سابقا لا يكون ذكره وتدوينه على حدة بدعة ، فان تدوينه على حدة ليس إلّا لكونه محتاجا الى معرفته ، وتدوينه على حدة اسهل للاطلاع عليه من ذكر كل مسألة منه مع ما يناسبها من ابواب الفقه ، وليس تدوينه على حدة بعنوان كونه امرا دينيا حتى يكون بدعة.
وبقوله : «لا يوجب كونها بدعة» اشار الى الجواب الحلي.
واما الجواب النقضي : فبأنه لو كان تدوين الاصول على حدة بدعة لانه احداث ما لم يكن في الدين لكان تدوين علم الفقه وعلم النحو والصرف ايضا بدعة ، لان الفقه وان كان موجودا على عهد النبوة إلّا انه لم يكن مدونا ، فتدوينه يقتضي ان يكون بدعة على مذاق هؤلاء ، لانها لم تكن على عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقد اشار الى ذلك بقوله : «وإلّا كان تدوين الفقه والنحو والصرف بدعة».
(١) حاصله : انه لا خلاف بين المجتهدين والاخباريين في الحاجة الى علم الاصول ، لضرورة توقف استنباط الحكم الفرعي عليه ، وانما الخلاف منهم في تدوينه على حدة ، فكل مستنبط للحكم محسوس له الاحتياج الى علم الاصول سواء كان من المجتهدين او من الاخباريين ، ولذلك كان لا محيص عن الاحاطة به ومعرفته معرفة تامة على نحو يكون على يقين مما تقتضيه المسائل الاصولية في مقام الاستنباط او التطبيق. وقد اشار الى ضرورة الحاجة الى علم الاصول وانه لا خلاف في اصل الحاجة اليه بقوله : «وبالجملة لا محيص لأحد في استنباط الاحكام الفرعية ... الى آخر كلامه».