جواز اتباع غير العلم والذم على التقليد ، من الآيات والروايات. قال الله تبارك وتعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وقوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) مع احتمال أن الذم إنما كان على تقليدهم للجاهل ، أو في الاصول الاعتقادية التي لا بد فيها من اليقين (١) ، وأما قياس المسائل الفرعية على الاصول الاعتقادية ، في أنه كما لا يجوز التقليد فيها مع الغموض فيها كذلك لا يجوز فيها بالطريق
______________________________________________________
فظهر مما ذكرنا : ان المتحصل من الاخبار هو جواز التقليد وانه لا اشكال في ذلك. والى ما ذكرنا اشار بقوله : «وهذه الاخبار على اختلاف مضامينها» من حيث دلالة بعضها على الارجاع بالمطابقة ودلالة بعضها على التقليد بالمطابقة ودلالة بعضها مفهوما على الملازمة ودلالة بعضها على الملازمة منطوقا «وتعدد اسانيدها» مما يوجب انه «لا يبعد دعوى القطع بصدور بعضها» الذي هو معنى التواتر الاجمالي «ف» لازمه انه «يكون» ذلك «دليلا قاطعا على جواز التقليد» لمسلمية حجية الظهور وتواترها اجمالا «وان لم يكن كل واحد منها بحجة» لوجود الضعيف فيها.
(١) حاصله : انه بعد ان كانت الاخبار المذكورة بعضها مقطوع الصدور ودلالتها ظاهرة قطعا يحصل الدليل التام الحجية على جواز التقليد ، وبه يخصص ما يدعى دلالته من العمومات على حرمة التقليد ... وقد اشار الى عامين قد ادعيت دلالتهما على ذلك :
الاول : الآيات الدالة على حرمة اتباع غير العلم كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) ومن الواضح ان المقلد لغيره لا علم له بالحكم الذي قلد فيه فهو من اتباع غير العلم ، ومثله قوله عزوجل : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٢)
__________________
(١) الاسراء : الآية ٣٦.
(٢) يونس : الآية ٣٦.