.................................................................................................
______________________________________________________
وحاصل ما يقوله المصنف : ان كون ترجيح المرجوح على الراجح في مقامنا من الممتنع بالذات فيه خلط بين موارد هذه القاعدة.
وتوضيح ذلك : ان هناك نزاعا بين العدلية والاشاعرة في افعاله تبارك وتعالى ، مع فرض كون الفعل خاليا عن أي غرض وعن أي مصلحة. فذهب الاشاعرة الى انه لا مانع من صدور الفعل الخالي عن أي مصلحة وغرض منه تعالى شأنه.
وقال العدلية بقبحه من جهة ، وبامتناعه من جهة اخرى مع تسالم الطرفين على ان الفعل لا بد من صدوره عن ارادة واختيار ، لان صدور الفعل بلا ارادة منه تعالى ولا اختيار مرجعه الى جواز حصول المعلول بلا علة ، وهو من الترجيح بلا مرجح ، وقد اطبق الكل على محاليته.
والاشاعرة حيث انكروا الحسن والقبح العقلي وقالوا بامكان الارادة الجزافية قالوا لا مانع من صدور الفعل الخالي عن أي غرض ومصلحة منه تعالى شأنه ، لانه انما لا يصدر منه الفعل الخالي عن الغرض والمصلحة لانه قبيح حيث لا بد وان يكون فعله حسنا اما بالذات او بالعرض ، وفعل ما ليس فيه غرض ولا مصلحة قبيح فعله من الحكيم ، وهذا انما يلزم عند من يرى الحسن والقبح العقلي. اما من لا يرى ذلك فلا مانع عنده من صدور الفعل منه تعالى بلا مصلحة ولا غرض ، ويكفي في صدور الفعل منه تعالى نفس الارادة والاختيار ، فلا يكون الفعل الخالي عن المصلحة والغرض من المعلول بلا علة ، لفرض كونه صادرا عن ارادة واختيار.
نعم لازم ذلك هو الارادة الجزافية ، لانه مع فرض خلو الفعل عن المصلحة والغرض تكون ارادته من الجزاف ، ولذا قالوا بامكان الجزافية له تبارك وتعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا.
والعدلية بعد ان اثبتوا الحسن والقبح العقلي اوردوا عليهم : بان فعل ما ليس فيه غرض ولا مصلحة بالنظر الى نفس صدور الفعل بلا مصلحة ولا غرض هو قبيح عقلا فلا يصدر منه ، تعالى شأنه عن صدور القبيح منه ، وبالنظر الى نفس الارادة