بالقبح إلى الامتناع ، من أن الترجيح بلا مرجح في الافعال الاختيارية ومنها الاحكام الشرعية ، لا يكون إلا قبيحا ، ولا يستحيل وقوعه إلا على الحكيم تعالى ، وإلّا فهو بمكان من الامكان ، لكفاية إرادة المختار علة لفعله ، وإنما الممتنع هو وجود الممكن بلا علّة ، فلا استحالة في ترجيحه تعالى للمرجوح ، إلّا من باب امتناع صدوره منه تعالى ، وأما غيره فلا استحالة في ترجيحه لما هو المرجوح مما باختياره.
وبالجملة : الترجيح بلا مرجّح بمعنى بلا علّة محال ، وبمعنى بلا داع عقلائي قبيح ليس بمحال ، فلا تشتبه (١).
______________________________________________________
والى ما ذكرنا اشار بقوله : «وفيه انه انما يجب الترجيح» لواجد المزية على فاقدها «لو كانت المزية موجبة لتأكد ملاك الحجية في نظر الشارع» وقد عرفت انه ليس كل مزية موجبة لتأكّد ملاك الحجية في نظر الشارع «ضرورة امكان ان تكون تلك المزية بالاضافة الى ملاكها» أي الى ملاك الحجية «من قبيل الحجر في جنب الانسان» فلا تكون تلك المزية موجبة لتأكّد ملاك الحجية.
وقد اشار الى انه حيث تكون تلك المزية اجنبية عن تأكّد ملاك الحجية ينقلب الحال ويكون الترجيح بها من الترجيح بلا مرجّح بقوله : «وكان الترجيح بها بلا مرجّح وهو قبيح كما هو واضح» لبداهة ان الترجيح مع فرض كون تلك المزية اجنبية عن تأكد ملاك الحجية يكون الترجيح بها بلا مرجّح ، لان الترجيح بما لا يقتضي الترجيح من الترجيح بلا مرجّح.
(١) المراد من الاضراب هو قولهم : بل ممتنع عقلا.
ومحصل مرامهم : انه لو لم يجب ترجيح الواجد للمزيّة على الفاقد لها لزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وترجيح المرجوح على الراجح قبيح عقلا ، بل مضافا الى قبحه عقلا انه ممتنع قطعا ، ففيه محذوران : القبح العقلي ، والامتناع الذاتي.