الفعل والترك : طاعة ومعصية على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ـ.
وقد تحصل من ذلك : ان تأخر الطاعة عن الامر ـ لكونه علة لها أو جزء العلة ، على ما تقدم من الوجهين ـ لا يقتضي تأخر العصيان عنه.
وأما (ان) اريد الطاعة والمعصية اللتان تنتزعان من موافقة المأتي به للمأمور به وعدمها ـ سواء كان العدم على نحو السالبة بانتفاء الموضوع بأن لا يكون هناك مأتي به ، أو السالبة بانتفاء المحمول ، بأن يكون المأتي به غير موافق للمأمور به ـ فمع أنهما ليسا بنقيضين ، اذ هما من قبيل العدم والملكة ، ومع ان كون النقيضين في رتبة واحدة ممنوع ، لكن مع ذلك يصح القول بتأخرهما عن الامر ، كما قال المحقق الاصفهاني في (النهاية) :
(الاطاعة والمعصية الانتزاعيتان لهما التأخر الطبعي عن الامر ، لوجود الملاك لا لكون أحدهما نقيض ما فيه الملاك ، فان ملاك التأخر والتقدم الطبعيين هو انه يمكن أن يكون للمتقدم وجود ولا وجود للمتأخر ، ولا يمكن أن يكون للمتأخر وجود الا والمتقدم موجود ، وهنا كذلك اذ يستحيل تحقق عنوان الاطاعة الا مع تحقق الامر ، ولكن يمكن أن يتحقق الامر ولا اطاعة ، وكذلك يستحيل تحقق العصيان للامر بلا تحقق للامر ، ويمكن تحقق الامر ولا عصيان) انتهى.
وما ذكره من تقدم الامر على طاعته وعصيانه ـ بما هما كذلك ـ متين ، وذلك لتقومهما (بتحقق) التكليف المولوي ـ أولا ـ فمع عدم تحققه لا يكون الفعل أو الترك طاعة أو عصيانا ، بل تجريا أو انقيادا ، وحرمة التجري ـ لو سلمت ـ ليست بلحاظ التكليف المتجرى عليه ، اذ لا واقعية له ، بل باعتبار المخالفة الحقيقية للتكليف الواقعي بعدم هتك حرمة المولى والطغيان عليه.
(وبالالتفات) الى التكليف ـ ثانيا ـ ، فمع عدمه لا طاعة ولا عصيان ـ مع عدم التقصير ، فان الامتناع بالاختيار لا ينافيه ـ.