أن نحوي التوقف مختلفان فأحدهما ثبوتي والآخر اثباتي ، ولا مانع منه ، نظير توقف الدخان على النار ـ ثبوتا ـ مع توقفها عليه اثباتا ونحوه جميع البراهين الإنّية التي ينتقل فيها من المعلول الى العلة.
(الثالث) انه كما يصح نعت كل من الضدين ب (المطاردة) لو لوحظا بما هما كذلك يصح نعت أحدهما المعين ب (الطرد) للآخر لو لوحظ سبقه في الوجود ـ لاهمية أو غيرها ـ اذ الضد السابق في الوجود يمنع ضده من التحقق ما دام موجودا. نعم يمكن أن يرتفع ـ بارتفاع علته ـ فيحل محله بديله.
والامر كذلك فيما نحن فيه ، اذ انقداح ارادة الاهم في نفس المولى مانع عن انقداح ارادة المهم في نفسه ـ لسراية التضاد من المتعلقين الى الارادتين ـ فلا يكون معه له مجال أصلا.
وعلى هذا : ففرض (التطارد) بين الارادتين مبني على ملاحظتهما بما هما هما وفرض (الطرد) مبني على ملاحظة انقداح ارادة الاهم المانعة عن انقداح ارادة المهم وهذا الامر مطرد في جميع الاضداد ، فقولنا (السواد والبياض ـ مثلا ـ متطاردان) مبني على ملاحظتهما بما هما هما وقولنا (السواد طارد للبياض) مبني على ملاحظة وجوده المانع من تحقق ضده ـ ما دام موجودا ـ.
ولعل المشكيني (رحمهالله) نظر الى الفرض الاول حيث منع الطرد من جانب واحد بقوله : (ان عدم طرد طلب المهم لطلب الاهم مع طرده له فرض غير متحقق ، لانه اذا فرض طرد طلب الآخر فلا محالة يحصل الطرد من الآخر أيضا) فتأمل.
وأما ما نقله المحقق الاصفهاني (قده) في تصوير الطرد من طرف الامر بالاهم فقط من (ان تمامية اقتضاء الامر بالمهم حيث أنها بعد سقوط مقتضي الاهم عن التأثير فلا يعقل أن يزاحمه في التأثير ، لكن الامر بالاهم لم يسقط بعدم التأثير عن