وفي (الوصول) : التمثيل للفقرة الاخيرة من كلام صاحب الكفاية (قدسسره) بما لو توسط الدار المغصوبة ، اذ حينئذ يتوجه اليه خطابا «لا تغصب بالخروج عن الدار» و «لا تغصب بالبقاء في الدار» فيكون كل من بقاءه وخروجه محرما مع انه لا يتمكن الا من أحدهما ، فتحريم كليهما تحريم للضدين اللذين لا ثالث لهما ، مما لا يخلو المكلف منهما على سبيل منع الخلو ، فكما ان تحريم الضدين الناشئ من سوء الاختيار غير مستحيل كذلك طلب الضدين الناشئ منه ـ انتهى.
ونحوه من أوقع نفسه في الاضطرار فدار أمره بين الموت جوعا وأكل الحرام.
وفيه :
(أولا) ان طلب المحال قبيح على الحكيم مطلقا ، ولو كان بسوء الاختيار.
والسبب في ذلك ان الامر انما يساق بداعي ايجاد الداعي في نفس العبد ، ويستحيل ايجاد الداعي نحو المحال في نفس المكلف ، اذ الداعي انما يمكن وجوده في ظرف الاختيار ، ولا يمكن ذلك بالنسبة الى المحال ، فتأمل ـ.
ويشهد له قبح خطاب المولى عبده بالمحال ولو كان ذلك بسوء اختياره ، فلو سقط العبد من شاهق لم يصح للمولى نهيه حال السقوط عن الارتطام بالارض ـ اذا لم يكن ذلك داخلا تحت قدرته ـ ولو نهاه والحال هذه عد عابثا عند العقلاء.
نعم لا مانع من نهيه عن ذلك من قبل ، اذ المقدور بالواسطة مقدور.
ولا فرق في ذلك بين كون الخطاب جزئيا شخصيا أو كليا قانونيا ، اذ المحال ـ أو القبيح ـ لا ينقلب عما هو عليه بمجرد تبديل صياغته اللفظية ، فخطاب العاجز ـ مثلا ـ حال عجزه قبيح مطلقا ، سواء كان بتوجيه الخطاب الشخصي نحوه ، أو بادراجه تحت كلي يستوعبه ويعمه.