قال ذلك هنا بالفاء ، وبالحجر بحذفها ، مع اتفاقهما في مدخول الباء.
وقال في ص : (فَبِعِزَّتِكَ) بالفاء ، مع مخالفته لتينك في مدخول الباء.
لأنّ" الفاء" وقعت هنا في محلها ، وفي" ص" لأنها متسببة عما قبلها ، ولا مانع فحسنت ، ولم تحسن في" الحجر" لوقوع النداء ثمّ في قوله (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) [الحجر : ٣٩].
والنداء يستأنف له الكلام ويقطع ، وال" باء" في المواضع الثلاثة للسببيّة ، أو للقسم ، وما بعد في" ص" موافق لما بعدها في غيرها في المعنى ، وإن خالفه لفظا ، فلا اختلاف في الحقيقة ، إذ غوى الله للشيطان يتضمّن عزته تعالى.
١٠ ـ قوله تعالى : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) [الأعراف : ٢٠].
اللّام فيه" لام العاقبة" والصّيرورة ، لا" لام كي" ، لأن الغرض إخراجهما من الجنة ، لا كشف عورتهما ، كما في قوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) [القصص : ٨] وقول الشاعر :
لدوا للموت وابنوا للخراب |
|
فكلكم يصير إلى التّراب |
١١ ـ قوله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) [الأعراف : ٢٩].
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أنه تعالى بدأنا أوّلا نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظاما ، ثمّ لحما ، ونحن نعود بعد الموت كذلك؟
قلت : معناه : كما بدأكم من تراب ، كذلك تعودون منه!! أو كما أوجدكم بعد العدم ، كذلك يعيدكم بعده فالتشبيه في نفس الإحياء والخلق ، لا في الكيفيّة والترتيب.
١٢ ـ قوله تعالى : (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الأعراف : ٣٢] الآية.
إن قلت : كيف أخبر عن الزّينة والطيّبات ، بأنهما للذين آمنوا في الحياة الدنيا ، مع أنّ المشاهد أنهما لغير الذين آمنوا أكثر وأدوم؟
قلت : في الآية إضمار تقديره : قل هي للذين آمنوا غير خالصة في الحياة الدنيا ، خالصة للمؤمنين يوم القيامة.