قلت : نفي الفعل عنهم وعنه باعتبار الإيجاد ، إذ الموجد له حقيقة هو الله تعالى ، وإثباته لهم وله باعتبار الكسب والصورة.
٦ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) [الأنفال : ٣٠]. ثنّى في الأمر ، وأفرد في النهي ، تحرّزا بالإفراد عن الإخلال بالأدب من النبي صلىاللهعليهوسلم ، عن نهيه الكفار في قرانه بين اسمه واسم الله تعالى ، في ذكرهما بلفظ واحد ، كما روي أن خطيبا خطب فقال : " من أطاع الله ورسوله فقد رشد ، ومن عصاهما فقد غوى" فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : " بئس خطيب القوم أنت ، هلّا قلت : ومن عصى الله ورسوله فقد غوى"!!
أو أفرد باعتبار عوده إلى الله وحده ، لأنه الأصل ، مع أن طاعة الله ، وطاعة رسوله متلازمتان. أو أنّ الاسم المفرد ، يأتي في لغة العرب ويراد به الاثنان والجمع ، كقولهم : إنعام فلان ومعروفه يغنيني ، والإنعام والمعروف لا ينفع مع فلان ، وعلى ذلك قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢].
٧ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) [الأنفال : ٢٣].
معناه : ولو علم الله فيهم إيمانا في المستقبل ، لأسمعهم سماع فهم وقبول ، أو لأنطق لهم الموتى ، يشهدون بصدق نبوّتك كما طلبوا ، ولو أسمعهم أو أنطق لهم الموتى ، يشهدون بما ذكر ، بعد أن علم أن لا خير فيهم ، (لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ،) لعنادهم وجحودهم الحق بعد ظهوره. وتقدّم في البقرة الكلام على الجمع بين التولّي والإعراض.
٨ ـ قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) [الأنفال : ٣٣]. الآية.
إن قلت : قد عذّبهم الله يوم بدر والنبي صلىاللهعليهوسلم فيهم.
قلت : المراد : (وَأَنْتَ فِيهِمْ) مقيم بمكة ، وتعذيبهم ببدر إنما كان بعد خروجه من مكة.
أو المراد : ما كان الله ليعذبهم العذاب الذي طلبوه وهو إمطار الحجارة وأنت فيهم.
٩ ـ قوله تعالى : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ