يُجاهِدُوا ..) [التوبة : ٤٤].
أي لا يستأذنوك في التخلّف عن الجهاد.
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن كثيرا من المؤمنين ، استأذنوه في ذلك لعذر ، أخذا من قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) [التوبة : ٦٢].
قلت : لا منافاة ، لأن ذلك نفي بمعنى النهي كقوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ.)
أو هو منسوخ كما قال ابن عباس بقوله : (لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ.)
أو المراد : أنهم لا يستأذنوه في ذلك لغير عذر.
١٢ ـ قوله تعالى : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ) [التوبة : ٤٦].
إن قلت : كيف أمرهم بالقعود عن الجهاد ، مع أنه ذمّهم عليه؟
قلت : إنما أمرهم بذلك أمر توبيخ ، كقوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصلت : ٤٠] بقرينة قوله : (مَعَ الْقاعِدِينَ) أي من النّساء ، والصّبيان ، والزّمنى ، الذين شأنهم القعود في البيوت.
أو الآمر لهم إنما هو الشيطان بالوسوسة ، أو بعضهم بعضا.
١٣ ـ قوله تعالى : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ ..) [التوبة : ٤٧].
فإن قلت : إذا علم الله أن المنافقين ، لو خرجوا مع المؤمنين للجهاد ، ما زادوهم إلّا خبالا أي فسادا ، ولأوضعوا خلالهم أي لأسرعوا في السّعي بينهم بالنميمة ، فكيف أمرهم بالخروج مع المؤمنين.
قلت : أمرهم بالخروج لإلزامهم الحجّة ، ولإظهار نفاقهم.
١٤ ـ قوله تعالى : (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) [التوبة : ٥٣].
أي كافرين ولو بالنفاق ، بقرينة قوله : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) [التوبة : ٥٤].