(مِنْ) يأتي بمعنى" على" كما في قوله تعالى : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) وقوله : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) [البقرة : ٢٢٦] أي يحلفون على عدم وطئهنّ ، والمراد بقوله : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أنصارهم وأعوانهم في الدّين ، وعلى ذلك فكلّ من اللفظين يصلح مكان الآخر ، لكن للولاية شرف ، فكانت أولى بالمؤمنين والمؤمنات.
٢٢ ـ قوله تعالى : (أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) [التوبة : ٦٩].
أي المنافقون والمنافقات حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ، أما حبطها في الدنيا ، فمن حيث كيدهم ومكرهم وخداعهم ، التي كانوا يقصدون بها إطفاء نور الله ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره. وأما حبطها في الآخرة ، فمن حيث إن عباداتهم وطاعاتهم ، أتوا بها رياء وسمعة ونفاقا ، فحبطت أعمالهم من الخبيثات المذكورات ، حيث لم يحصل بها غرضهم في الدنيا ولا في الآخرة.
وأمّا عباداتهم التي تجرى بها أحكام المسلمين عليهم ، كحقن دمائهم وأموالهم ، فينفقون بها في الدنيا خالصة ولا عبرة به.
٢٣ ـ قوله تعالى : (وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) [التوبة : ٧٤].
إن قلت : لم خصّص الأرض بالذكر ، مع أنهم لا ولي لهم في الأرض ولا في السماء ، ولا في الدنيا ولا في الآخرة؟
قلت : لمّا كانوا لا يعتقدون الوحدانية ، ولا يصدّقون بالآخرة ، كان اعتقادهم وجود الولي والنّصير ، مقصورا على الدنيا ، فعبّر عنها في الأرض.
أو أراد بالأرض أرض الدنيا والآخرة.
٢٤ ـ قوله تعالى : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ) [التوبة : ٨٠] الآية.
إن قلت : لم خص السبعين ، مع أنهم لا يغفر لهم أصلا ، لقوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [المنافقون : ٦] ولأنهم مشركون والله لا يغفر أن يشرك به؟
قلت : لأن عادة العرب جرت بضرب المثل في الآحاد بالسبعة ، وفي العشرات بالسبعين ، استكثارا ولا يريدون الحصر.